البلاء نعمة من الله للرجوع إليه...

مقالات وبحوث

البلاء نعمة من الله للرجوع إليه...

5K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 01-04-2020

الباحث: علي عباس فاضل
الحمد لله ممتحن العباد بالبلوى، وملهمهم الصبر والسلوى، والصلاة والسلام على خير الورى محمد وآله أهل التقى، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وبعد
البلاء هو نعمة من نعم الله على الناس، فهو نوع من التنبيه على ما يفعله الناس، من المعاصي والذنوب، فيكون البلاء رادعا لهم ليرجعوا إلى الله (جل اسمه) قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)([1])، فسبحانه وتعالى يأمرنا بالصبر على المصائب لأن عاقبتها على خير، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (وَحَتَّى يَكُونَ أَعْظَمَكُمْ فِيهَا غَناءً أَحْسَنُكُمْ بِاللهِ ظَنّاً، فَإِنْ أَتَاكُمُ اللهُ بِعَافِيَة فَاقْبَلُوا، وَإِنِ ابْتُلِيتُمْ فَاصْبِرُوا، فَإِنَّ (الْعَاقِبَة لَلْمُتَّقِينَ))([2]).
وقد ورد في نهج البلاغة كلام لمولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) عن البلاء منها في أنه ينفع المبتلى به، فإن لم ينتفع منه لا ينتفع بشيء من الموعظة، يقول (عليه السلام): (وَمَنْ لَمْ يَنْفَعْهُ اللهُ بِالْبَلاَءِ وَالتَّجَارِبِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْء مِنَ الْعِظَةِ، وَأَتَاهُ الْتَّقْصِيرُ مِنْ أَمَامِهِ، حَتَّى يَعْرِفَ مَا أَنْكَرَ، وَيُنْكِرَ مَا عَرَفَ)([3])، يعني: (أي بما بلاه به من المكاره والمصائب والتجارب المكتسبة من مزاولة الأمور ومقاساة الشدائد (لم ينتفع بشيء من العظة) لأنّ تأثير البلاء والتّجارب في النفس أشدّ وأقوى من تأثير النصح والموعظة ، لأنّ الموعظة إحالة على الغائب ، والبلية والتجربة مدركة بالحسّ فمن لا ينفعه الأقوى لا ينفعه الأضعف بالطريق الأولى ( وأتاه النقص من أمامه) أي من بين يديه)([4]) . ودار الدنيا هي دار بلاء جعلها الله ليختبر الناس أيُهم أحسن عملا يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَعَلَ الدُّنْيَا لِمَا بَعْدَهَا، وَابْتَلَى فِيهَا أَهْلَهَا، لِيَعْلَمَ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً، وَلَسْنَا لِلدُّنْيَا خُلِقْنَا، وَلاَ بِالسَّعْيِ فِيهَا أُمِرْنَا، وَإِنَّمَا وُضِعْنَا فِيها لِنُبْتَلَى بِهَا)([5]).
 ومن فوائد البلاء أنه مدعاة لرفع التكبر من قلوبهم ووضع التذلل في نفوسهم، وهو ومن ثم يكون سببا في فتح أبواب الفضل وأسباب العفو والرحمة، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (وَلكِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ بِأَنْوَاعِ الشَّدَائِدِ، وَيَتَعَبَّدُهُمْ بِأَلْوَانِ الْـمَجَاهِدِ، وَيَبْتَلِيهِمْ بِضُرُوبِ الْمَكَارِهِ، إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ، وَإِسْكَاناً لِلتَّذَلُّلِ فِي نُفُوسِهمْ، وَلِيَجْعَلْ ذلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً إِلَى فَضْلِهِ، وَأَسْبَاباً ذُلُلاً لِعَفْوِهِ)([6])، وهذا الاختبار يكون بانواع من الشدائد والبلاء، ذكر الخوئي في شرحه: (ويبتليهم بضروب المكاره: التي تكرهها الطباع وترغب عنها النفوس، اخراجا للتكبّر: المبعد من الله سبحانه، عن قلوبهم واسكانا للتذلَّل: والتواضع المقرّب إليه تعالى في نفوسهم وليجعل ذلك: الاستعداد الحاصل لهم من الاختبار والابتلاء أبوابا فتحا مفتوحة إلى فضله واحسانه، وأسبابا ذللا سهلة لعفوه وغفرانه.
وختاما: نسأل الله العلي القدير بحق محمد وآله الطاهرين أن يرفع البلاء عن عباده، وأن يجعله رحمة وعفوا منه، إنه سميع مجيب. والحمد لله رب العالمين.
الهوامش:
([1]) سورة البقرة: 155- 157.
([2]) نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح:
([3]) المصدر نفسه: 254.
([4]) منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الخوئي: 10/ 224.
([5]) المصدر نفسه:
([6]) المصدر نفسه: 294.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2577 Seconds