من فضائل الصّيام في كلام النَّبيّ والوَصيّ (عليهما السلام)

مقالات وبحوث

من فضائل الصّيام في كلام النَّبيّ والوَصيّ (عليهما السلام)

5K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 06-05-2020

الباحِث: سَلَام مَكيّ خضيّر الطَّائيّ.
الحمدُ لله ربّ العالمين، وصلَّى الله تعالى على سيّدنا مُحَمّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهِرِين، الغرّ الميامين المنتجبين، واللعن الدَّائم على أعدائهم من الأوَّلين والآخرين أجمعين إلى قيام يوم الدِّين...
وبعد...
إنَّ الصِّيام: هو من أفضل العبادات الواجبة التي فرضها الله تعالى على المسلمين، بما فيه من طاعة لله تعالى وبيان قوة إيمان الفرد في تحمّله لمشاق الصوم، وفيه العديد من الفضائل التي رتبها الله تعالى على الصوم، ومن تتبَّع كلام النَّبِيّ والوَصِيّ (صلوات الله تعالى وسلامه عليهما)، وجد هذا الموضوع قد أخذ حيزًا كبيرًا من كلامهما، يحثون فيه النَّاس على الصِّيام ويؤكّدون عليه لما فيه من فضائل جمّة، أعطاها الله تعالى لأُمَّة نبيّه الأكرم مُحَمَّد (صلَّى الله تعالى عليه وآله) ما لم يعطها لأي أُمّة من الأُمم السَّابقة، فروى عن جابر بن عبد الله قال: (قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): (أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسًا لم تعطها أمة نبيّ قبلي، إذا كان أول يوم منه نظر الله (عزّ وجلّ) إليهم، وإذا نظر الله (عزّ وجلّ) إلى شيء لم يعذبه بعدها، وخلوق أفواههم حين يمسون أطيب عند الله (عزّ وجلّ) من ريح المسك، تستغفر لهم الملائكة في كل يوم وليلة، فاذا كان أخر ليلة منه غفر الله (عزّ وجلّ) لهم جميعاً)[1].
ويمكن لنا التفصيل أكثر في ذكر بعض فضائل الصَّيام والتَّعليق عليها، وما ينعكس عليها من أمورٍ إيجابيَّة تنعكس على الفرد الصَّائم، فمنها:
1-إن رائحة فم الصَّائم أطيب من المسك:
إن الله تعالى يجزي كل من يقوم بفعلٍ يرجو به مرضاته سبحانه، فأعطى (عزَّ وجلّ) أجرًا للصَّائم جزاءً على صومه، هو: أن ريح فم الصَّائم وخلوفه أطيب من رائحة المسك، وهذا ما جاء عن زيد الشَّهِيد بن عَلِيّ السَّجَّاد، عن أبيه، عن جدّه، عن الإمام عَلِيّ (عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) أنَّه قال: (قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) (لخلوف فم الصايم أطيب من رائحة المسك عند الله (عزَّ وجلّ)...)[2].
2-يكون للصائم أجرًا مضاعفًا: من فضل الصوم الذي ينعكس إيجابيًّا على الفرد الصَّائم، هو: أنَّ الله تعالى وضع أجرًا معيَّنًا لكل عمل يقوم به عبد يرجو به مرضاة ربه سبحانه، فوضع سبحانه للصَّائم له تقربًا وطاعة وبنية خالصة، أجرًا عظيمًا، فإنَّه تعالى أَّعطى للصَّائم على ما قام به من فعل الصِّيام وصبره وتحمله ما يجري من أمر الصَّيام عليه، أجرًا مضاعفًا أكثر من أي عملٍ آخر، فعن النَّبيّ (صلَّى الله عليه وآله) فيما ذكر عن ربّه (جلّ وعَلَا) أنّه قال: (كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصَّوم فإنَّه لي وأنا أُجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي)[3]، وكذلك يقول الله (عزَّ وجلّ): (الصَّوم لي وأنا أجزي به)[4].
3-لصائم رمضان فرحتان: إن الله تعالى جعل للفرد الصائم شهر رمضان فرحتين، منها:  عند إفطاره بعد أن أتمَّ صيامه على أتم وجه، وأخرى في يوم القيامة، عندما ينادي المنادي بالصائمين، ليسقيهم الله تعالى من حوض الكوثر، فروي عن السَّيِّد زيد الشَّهِيد بن الإمام عَلِيّ السَّجَّاد، عن أبيه، عن جدّه، عن الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) أنَّه قال: (قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) للصَّائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة يوم القيامة، ينادى المنادي: أين الظَّامية أكبادهم؟ وعزتي لأروينهم اليوم)[5].
4-الصوم نصف الصّبر وربع الإيمان: فروي عن النَّبيّ الأكرم (صلَّى الله عليه وآله) أنَّه قال: (((الصَّوم نصف الصَّبر))، وفي خبر آخر: ((الصَّبر نصف الإيمان)) وهذا يقتضي أن يكون الصَّوم ربع الإيمان) [6].
5-دعاء الملائكة للصائمين: فإنَّ من فضائل صوم شهر رمضان: هو توكيل الله (عزَّ وجلّ) ملائكة للقيام بالدّعاء للفرد الصَّائم، وما من عبدٍ تدعوا له ملائكة الرَّحمن إلَّا استجاب الله تعالى لدعائهم إليه، وهذه كرامة من الله تعالى على عبده المؤمن المطيع له تعالى ولرسوله ولآل بيته (صلَّى الله تعالى عليه وعليهم)، فروي عن النَّبيّ الأكرم مُحَمَّد (صلَّى الله عليه وآله) أنَّه قال: (إنَّ الله وكل ملائكته بالدعاء للصَّائمين، وقال: أخبرني جبرئيل عن ربّه (عزَّ وجلّ) أنّه قال: ما أمرت ملائكتي بالدّعاء لأحد من خلقي إلَّا استجبت لهم فيه)[7].
6- غفران ذنوب الصَّائِم القائم: إنَّ الله تعالى من نعمه ومننه على عباده هو غفرانه لذنوبهم ما تقدَّم منها وما تأخّر، وهذا يكون عن طريق سُبلٍ عدّة ، فمنها: صيام شهر رمضان بإخلاصٍ وإيمانٍ واحتسابٍ، فروي عن النَّبيّ (صلَّى الله عليه وآله): (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدّم من ذنبه، ومن قام ليلة رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر غفر الله له ما تقدم من ذنبه)[8].
وبهذا القدر نكتفي في البحث عن الصِّيام وفضله عند النَّبيّ الأكرم مُحَمَّد (صلَّى الله عليه وآله) وعند الوصيّ أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ (صلوات الله تعالى وسلامه عليه)، ونسأل الله تعالى قبول أعمالنا جميعًا في هذا الشهر الفضيل، والحمدُ لله ربّ العالمين، والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الخلق والمرسلين أبي القاسمِ مُحَمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهِرِين، الغرّ الميامين المنتجبين، واللعن الدَّائم على أعدائهم إلى قيامِ يوم الدِّين، إنَّه سميعٌ عليم...
الهوامش:
[1] الأمالي، الشَّيخ الطُّوسيّ: 496.
[2] مسند زيد بن الإمام عَلِيّ السَّجَّاد (صلوات الله تعالى وسلامه عليهما): 204.
[3] البيان (ط.ج)، الشَّهِيد الأوَّل: 355.
[4] مسند زيد بن الإمام عَلِيّ السَّجَّاد (صلوات الله تعالى وسلامه عليهما)، الشَّهِيد زيد بن عَلِيّ (صلوات الله تعالى وسلامه عليهما): 204.
[5] مسند زيد بن عَلِيّ السَّجَّاد (صلوات الله تعالى وسلامه عليهما): 203.
[6] الينابيع الفقهيَّة، علي أصغر مرواريد: 29ق2/175.
[7] الفصول المهمَّة في معرفة أصول الأئِمَّة (عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام)، الحر العاملي: 3/337.
[8] الينابيع الفقهيَّة: 29ق2/176.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2652 Seconds