من أخلاق الإمام علي (عليه السلام) قوله: استنزلوا الرزق بالصدقة

سلسلة قصار الحكم

من أخلاق الإمام علي (عليه السلام) قوله: استنزلوا الرزق بالصدقة

6K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 06-12-2020

بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان

((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
قال أمير المؤمنين عليه السلام ((استنزلوا الرزق بالصدقة)).
الدعوة إلى أمر اجتماعي بالغ الأهمية حيث يكفل حاجة شريحة ليست بالقليلة في أغلب المجتمعات وذلك هو الصدقة، وطبيعي أن تستفيد منها شريحة الفقراء والمعوزين.
والصدقة: عطية يراد بها المثوبة لا المكرمة[1]. وبتعبير آخر: ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة[2].
فإذا عرفنا أنّ الصدقة تُعطى طلباً للأجر والثواب وتقرباً لله تعالى فسنعرف أمرين:

الأول: ان لا يصاحبها استعلاء وامتنان على المدفوع له لأن الدفع كان لأجل فائدة ينتظرها الإنسان وهي توسعة الرزق، وحالة الاستعلاء تنافي ذلك -تماماً- بل يلزم التواضع وعدم إشعار الآخذ بكل ما فيه حساسية بحيث تخجله ويحس بوضعه المتدني إزاء غيره فتُحدِث له عقدة يسعى للتخلص منها ولا نضمن صحة الطريق الذي يسلكه للتخلص، فقد يستولي على أموال الغير بدون وجه صحيح كالسرقة والاحتيال والقتل والغش و... و... فنخسر بذلك عنصراً صالحاً -بحسب طبيعته- ضاع منّا بسبب حب الأنا والتسلط الذي يجر الإنسان إلى مواقف غير محمودة.
الثاني: أن الله تعالى الذي يجزي فلا نتوقع الشكر المكافئ من الآخذ وإنما كان الدفع توقعاً لزيادة الرزق، فإذا عرفنا أننا الرابحون قبل الآخذ فسيزداد العطاء ونسيطر -نسبياً- على حاجة الفقراء وهذا أمر يحرص عليه الإمام عليه اسلام بل كل المصلحين بمختلف مراتبهم؛ لأنه يسد ثغرة كبيرة من الصعب السيطرة عليها لولا (الصدقة)، وفي المقابل يضمن عليه السلام للدافع المتصدق زيادة الرزق وسعته، وهذا ما يسعى إليه الجميع؛ لأن شغلهم في الحياة الدينا توسيع مصادر التموين وتكثير الربح فقد هيأ الإمام عليه السلام ذلك ببدل يسير؛ حيث أن الدافع إنما يدفع القليل- مهما كثر- إزاء عطاء الله تعالى، إذن فالرابح هو المتصدق أكثر من الآخذ الفقير.
فإذا توفرنا على هذين الأمرين كان من الممكن ان تسخو نفوسنا بالدفع لننتشل شريحة كبيرة في المجتمع من واقع الفقر ولنساعدهم على تكوين وضع مناسب فيتساوى الجميع في العمل وإن لم يتساووا في الرزق لأن ذلك بتقدير الحكيم الخبير.
وعندئذ نضمن عدم الفتنة بكل أشكالها: السرقة، القتل، الاحتيال والتزوير، أكل أموال الغير بلا وجه شرعي، فإذا كل واحدة من هذه ونحوها كفيل بإسقاط الإنسان في الهاوية وتعريضه للمساءلة الإلهية وهذا ما نتعوذ منه[3].

الهوامش:
[1] المنجد ص420. مادة (صدق).
[2] المفردات في غريب القرآن ص278.
[3] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص77-79.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3607 Seconds