أهم طرق وآليات تنمية تقدير الذات

مقالات وبحوث

أهم طرق وآليات تنمية تقدير الذات

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 01-04-2021

بقلم: الشيخ مهدي المالكي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
إن لتنمية الذات جملة من الآليات وهي على النحو الآتي:
الخطوة الأولى من خطوات تحفيز الهمّة ورفع مستوى الحماسة هي اعتراف الإنسان بضعف همّته عن المستوى الذي يتناسب مع أهمّية الإنسان ومحوريته في عالم الوجود وعِظم مسؤولياته المتناسبة مع هذه الأهمية، وهذه الخطوة أهم الخطى في رفع مستوى الهمّة والحماسة لأنّها تعد النفس والفكر وتهيئهما للاعتقاد بضرورة رفع مستوى الهمّة والحماسة، بعد التسليم بإمكان هذه العملية مصحوباً بالدعاء الصادق والالتجاء إلى الله تعالى وطلب العون والتوفيق والسداد لإتمام هذه العملية.
الثقة التامّة بإمكانية رفع مستوى الهمّة والحماسة، وبالقدرات والامكانات الحالية، وعدم الالتفات إلى الهزائم والاخفاقات السابقة أو الاستسلام لضغوطاتها النفسية وعدم تذكّر ما أُحيط بها من انتقادات من الأهل والأقارب والأصحاب وزملاء العمل. لأنّ النظر إلى الوراء والشك في القدرات والامكانات بفعل انتقادات وكلمات الآخرين من أسباب التعثّر في طريق تنمية الهمّة والحماسة.

الإفادة من الأخطاء والتجارب والاخفاقات السلبية، واقناع النفس بأنّ ليس ثمة فشلٌ في الماضي وإنما هي تجارب وخبرات سابقة، ودوام النظر وما فيه من آفاق رحبة وفرص جديدة تستحق التوجّه نحوها بهمّة وحماسة عالية.
التنافس بين الشخص وهمّته، وذلك بأن يُحمّل الإنسان نفسه أعباءً وآمالاً وأهدافاً كبيرة ويُلزمها الوصول اليها، وهذا الأمر له فعل السحر في إيقاد جذوة الحماسة والتحدّي في نفسه، مع الالتفات إلى أن لا تكون هذه الآمال والأهداف مما لا تسعه قدرة النفس البشرية وطاقاتها والّا انقلبت الهمّة والحماسة إلى إحباط.
السعي الجاد والدؤوب لتحصيل المزيد من الكمالات المعنوية والمعرفية، واعداد عدّة تحصيل العلوم والمعارف المختلفة، خصوصاً فيما يتعلق بالأمور الشرعية وأولها الاعتقادات الحقـّة وما يتبعها ويتعلـّق بها من أحكام شرعية وأمور الحلال والحرام والسنن والآداب.  فالعلم ضروري ولا بُدّ منه ليس فقط في حال طلب الآخرة؛ بل حتى في طلب الدنيا التي لا تتعارض مع الأخرة، وإهمال هذا الأمر سيقلب الهمّة والحماسة التي يجب أن تكون عن وعي وإدراك إلى همّة وحماسة سفلى مسعورة وغير واعية، وسيكون صاحبها من الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهّم يُحسنون صنعاً وهو حال كثير من أبناء الجنس البشري.
التيقّظ والحذر الدائم من الإصابة بحالة فتور وتشظي الهمّة وتبدّد وتبعثر الحماسة، وسببها عدم وضوح الأهداف والغايات التي يجب توجيه الهمّة والحماسة نحو الوصول إليها وتحقيقها، فإنّ عدم وضوح الأهداف تجعل الرؤية المستقبلية غير واضحة مما يؤدي إلى التخبُّط والعشوائية وضياع الجهود وتبدّد القدرات والامكانات.

مرافقة ومصاحبة أصحاب الهمّم العالية والحماسة المشتعلة من الذين صغُرت الدنيا في أعينهم وعظُم طلب ما عند الله في نفوسهم، وهذه المرافقة والمصاحبة تكون مع الأحياء ومع الأموات، وذلك بقراءة سيرتهم،  والاطلاع  على ما قاموا به من أعمال وإنجازات كبيرة تكشف عن علو همّمهم وشدة حماستهم، ولهذا الأمر قوة تحفيزية كبيرة تُلهب حماسة الإنسان وتشد من عزمه وتقوّي إرادته وترفع قدرته واستعداده إلى مستويات عالية؛ وذلك لأنّ الحماسة كما يقولون: ( مُعدية )، والعدوى من أصحاب الهمّم العالية والحماسة المشتعلة إذا ما قرّر الإنسان مصاحبتهم والاقتداء بهم سيصاب بها حتى قبل أن يُدرك ذلك، وحتى لو حاول – جدلاً – تحصين نفسه ضدها، فإنها ستظهر في سلوكياته، وعلى قسمات وجهه، وعلى صوته، وعلى حركته وطريقة مشيته. فالحماسة مُعدية ولها القدرة على السراية والانتقال في كل تفاصيل ومفاصل حياة الإنسان.
ترك حياة الراحة والدعة والكسل، واغتنام فرص الخير، والأخذ بزمام المبادرة، والتحرّك النشط والفعال لإنجاز الأعمال الموصلة إلى الأهداف بعد جدولتها جدولةً تراعي الأولويات.
طلب معالي الأمور وأشرافها، والابتعاد والهروب من سفاسفها، و (المعالي) هي كلّ ما يؤثر تأثيراً إيجابياً على النفس البشرية. ويظهر هذا التأثير جلياً في سلوكيات الإنسان الخارجية التي تكون إيجابية وتقوده إلى مصيرٍ إيجابي في الدنيا والآخرة.  و (السفاسف) هي ما ليس لها هذا التأثير، أو أنّها تؤثر سلباً وإن كانت مباحة وغير محرمة شرعاً – من حيث هي هي –، إلّا إنّ آثارها تتراكم وتتجمّع فتؤثر بالنتيجة أثراً لا يريده الله تعالى للإنسان، لأنّ هذه السفاسف تؤدّي إلى تضييع الكثير من فرص الخير التي يهديها الله تعالى للإنسان من أجل تطوير ذاته وتحسين شكل ونوعية حياته؛ يقول بروس بارتون:(أحياناً عندما أتأمّل العواقب العظيمة التي تتمخّض عن صغائر الأمور.. أميل إلى التفكير أنّه لا وجود لصغائر الأمور)([1]).

الهوامش:
([1]) لمزيد من الاطلاع ينظر: سيكولوجية الصورة الذاتية، للشيخ مهدي المالكي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 108-107.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2701 Seconds