من استشهادات ابن أبي الحديد المعتزلي بشعر أبي طالب عليه السلام الحلقة الثانية: ما يدل على اسلام أبي طالب عليه السلام

مقالات وبحوث

من استشهادات ابن أبي الحديد المعتزلي بشعر أبي طالب عليه السلام الحلقة الثانية: ما يدل على اسلام أبي طالب عليه السلام

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 06-07-2022

بقلم: الدكتور علي الفتال

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق اجمعين أبي القاسم محمد وآله الطيبين الاخيار الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم والناصبين لهم العداء الى قيام يوم الدين.

أما بعد:

فإن اشعار أبي طالب (عليه السلام) كانت تدل على أنه كان مسلماً، ولا فرق بين الكلام المنظوم والمنثور ، فمن ذلك ما استشهد به ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة، وهو على النحو الآتي:

يرجّون منا خطة دون نيلها

 

ضراب وطعن بالوشيج المقوم

كذبتم وبيت الله حتى تفلقَّوا

 

جماجم تلقى بالحطيم وزمزم

وتقطع أرحام وتنسى حليلة

 

حليلاً، ويُغشى محرم بعد محرم

على ما مضى من مقتكم وعقوقكم

 

وغشينكم في أمركم كل مأثم

وظلم نبي جاء يدعوا إلى الهدى

 

وأمرٌ أتى من عند ذي العرش قيمِّ

فلا تحسبونا مسلميه فمثله

 

إذا كان في قوم فليس بمسلم[1]

ومن شعره (عليه السلام) في أمر الصحيفة التي كتبتها قريش قي قطيعة بني هاشم، وعلقتها على الكعبة ، أنه قال:

ألا أبلغا عني على ذات بينها

 

لؤيّاً وخصا من لؤي بني كعب

ألم تعلموا أنّا وجدنا محمداً

 

رسولاً كموسى خط في أول الكتب

وأن عليه في العباد محبةً

 

ولا حيف فيمن خصه الله بالحب

وأن الذي رقّشتمُ فيَ كتابكم

 

يكون لكم يوماً كراغية السقم

أفيقوا أفيقوا قبل أن تُحفر الزُبى

 

ويصبح من لم يجنِ ذنباً كذي ذنب

ولا تتبعوا أمر الغوات وتقطعوا

 

أواصرنا بعد المودة والقرب

وتستجلبوا حرباً عواناً وربما

 

أمر على من ذاقه حلب الحرب

فلسنا وبيت الله نسلم أحمداً

 

لٍعزَاء من عضن الزمان ولا كرب

ولما تبن منا ومنكم سوالف

 

وأيدٍ أثرَّت بالمهندةِ الشهب

بمعترك ضَيْق تربى قِصَدَ القنا

 

به والضباع العرج تعكف كالشرب

كأن مجال الخيل في حجراته

 

وغمغمة الأبطال معركة الحرب

أليس أبونا هاشم شد أزره

 

وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب

ولسنا نمَلَّ الحرب حتى تَملّنا

 

ولا نشتكي مما ينوب عن النكب

ولكننا أهل الحفائظ والنهى

 

إذا طار أرواح الكماة من الرعب[2]

ومن ذلك قوله :

فلا تسفهوا أحلامكم في محمدٍ

 

ولا تتبعوا أمر الغوات الأشائم

تمنيتم أن تقتلوه وإنما

 

أمانيكم هذي كأحلام نائم

وإنكم والله لا تقتلونه

 

ولما تروا قطع اللحى والجماجم

زعمتم بأنّا مسلّمون محمداً

 

ولما نقاذف دونه ونزاحم

من القوم مفضال أبيّ على العدى

 

تمكن في الفرعين من آل هاشم

أمين حبيب في العباد مسوّم

 

بخاتم رب قاهر في الخواتم

يرى الناس برهاناً عليه وهيبة

 

وما جاهل في قومه مثل عالم

نبي أتاه الوحي من عند ربه

 

ومن قال لا يقرع بها سن نادم

ومن ذلك قوله - وقد غضب لعثمان بن مظغون الجمحي، حين عذبته قريش ونالت منه :

أمن تذكر دهرٍ غير مأمون

 

أصبحت مكتئباً تبكي كمحزون

أم من تذكر أقوام ذوي سفهٍ

 

يغشون بالظلم من يدعو إلى الدين

ألا يرون - إذن الله جمعهمُ

 

إنّا غضبنا لعثمان بن مظغون

ونمنع الضيم أن يبغي مضامتنا

 

بكل مطرّدٍ في الكف مسنون

ومرهفات كأن اللح خالطها

 

يشفى بها الداء من هام المجانين

حتى تغرَّ رجال لا حلوم لها

 

بعد الصعوبة بالأسماع واللين

أو تؤمنوا بكتاب منزل عجب

 

على نبي كموسى أو كذي النون

يأتي بأمر جليٍ غير ذي عوج

 

كما تبين في آيات ياسين[3]

وقد جاء في الخبر أن أبا جهل بن هشام جاء مرة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلَّم وهو ساجد وبيده حجر يريد أن يرضخ به رأسه، فلصق الحجر بكفِّه فلم يستطيع ما أراد فقال أبو طالب في ذلك في جملة أبيات :

أفيقوا بني عمنا وانتهوا

 

عن الغي من بعد ذا المنطق

وإلا فأني - إذن - خائف

 

بوائق في داركم تلتقي

تكونوا لغيركم عبرة

 

ورب المغارب والمشرق

كما ذاق من كان من قبلكم

 

ثمود وعاد وماذا بقي

ومنها:

وأعجب من ذاك في أمركم

 

عجائب في الحجر الملصق

بكف الذي قام من حينه

 

إلى الصابر الصادق المتقي

فأثبته الله في كفه

 

على رغمه الخائن الأحمق[4]

وقد اشتهر عن عبد الله المأمون (رحمه الله) أنه كان يقول أسلم أبو طالب - والله - بقوله:

نصرت الرسول رسول المليك

 

ببيض تلالا كلمع البروق

أذب وأحمي رسول الإله

 

حماية حامٍ عليه شفيق

وما أن أدبُّ لأعدائه

 

دبيب البكار حذار الفنيق

ولكن أزير لهم سامياً

 

كما زار ليث بغيلٍ مضيق[5]

الهوامش:

[1] شرح نهج البلاغة : ج14 ص71

[2] شرح نهج البلاغة : ج14 ص71 -72

[3] شرح نهج البلاغة : ج14 ص73

[4] شرح نهج البلاغة : ج14 ص74

[5] لمزيد من الاطلاع ينظر: أضواء على نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد في استشهاداته الشعرية، د. علي الفتال، ط: مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ج2، ص 24-27.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.6152 Seconds