من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث قوله عليه السلام: ((إذا اجتمع الْمُسْلِمَانِ فتَذاكَرا غَفَرَ الله لأَبَشِّهِما بِصاحِبه))

مقالات وبحوث

من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث قوله عليه السلام: ((إذا اجتمع الْمُسْلِمَانِ فتَذاكَرا غَفَرَ الله لأَبَشِّهِما بِصاحِبه))

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 28-08-2022

بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر

الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أما بعد:
فمما ورد عنه عليه السلام في الحقول الدالة على أخلاق الإنسان مفردة ((البشّ)) وقد وردت هذه المفردة في حديث الإمام علي(عليه السلام) بأسلوبٍ رائع بقوله: ((إذا اجتمع الْمُسْلِمَانِ فتَذاكَرا غَفَرَ الله لأَبَشِّهِما بِصاحِبه))[1].   
المفردة الغريبة التي وردت في حديثه (أبَشَّهما)،والأصل(بشَّ)، قال أصحاب اللغة: البَشَّ: من (بشش) تعني: اللّطف فِي المَسْأَلَةِ، والإقْبَال على أَخِيك، وقيل: هو أن يضحك له ويلقاه لقاءً حسناً، والمعنيان مقتربان...،والبشاشة طلاقة الوجه، وبششتُ، أبُشُّ، ومَصْدَرَهُ: بشٍّاً، وبشَاشَةً....[2]، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ((إِذَا صَافَحَ الْمُؤْمِنُ الْمُؤْمِنَ نَزَلَتْ عَلَيْهِمَا مائة رحمة، تسعة وتسعون لأَبَشِّهِمَا وَأَحْسَنِهِمَا خُلُقًا))[3].
قوله (عليه السلام) (لأَبَشِّهِما بِصاحِبه)، أي: كانَ مُبْتَسِماً طَلْقَ الوَجْهِ فَرِحاً، لطيفاً فِي الْمَسْأَلَةِ وَمُقبلاً  عَلَيْه عند اللقاءِ[4] فيغفر الله له ذنوبه، فالقرينة تدل على ذلك من خلال الحوار الذي يدور بينهما في لفظ (فتذاكرا) مثنى اصلها (ذكر)[5]، فأحدهما له الأسبقية في الأجر اذا كان وجهه طلقا أكثر من الآخر. وعن جابر بن عبد الله الانصاري عن النبي(صلى الله عليه وآله)((من أخلاق النبيين والصديقين البشاشة اذا تراؤوا، والمصافحة اذا تلاقوا...))[6].
واستنتج علماء النفس أن الابتسامة لها آثار ايجابية؛ تجعل الإنسان أكثر استقراراً؛ بل إنهم وجدوا أن هذه الابتسامة تقلل من حالة الاكتئاب التي يمر بها الإنسان أحياناً، فالإنسان الذي يتبسم في وجه اخيه يمنحه شعوراً بالاطمئنان، ويزيل الحواجز بينه وبين اخيه[7].
وقد وردت اللفظة بدلالتها المعجمية إنما اختارها الإمام(عليه السلام) لكي يتحلى الإنسان بالأخلاق الحسنة كالتواضع في ابداء الابتسامة)[8].

الهوامش:
[1] النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 /130.
[2] ينظر: لسان العرب: (بشش)6/266، والمعجم الوسيط: (بشّ) 1/85.
[3] ، تاريخ بغداد، 2/456، 3/58، تاريخ دمشق، 53/326، بحار الأنوار،73/21.
[4] ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 /130.
[5] قال الخليل: (لذِّكْر: الحفظ للشيء تذكره، وهو مني على ذكر... والتذكر: طلب ما قد   فات) العين: 5/346-347.
[6] تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ابو فراس المالكي (ت605هـ) تقديم، محمد باقر بحر العلوم: 1/24.
[7] ينظر: الابتسامة: إعجاز قرآني، د. محمد السقا عيد، مقالة: شبكة الالوكة.
[8] مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/ دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 92-93.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2241 Seconds