من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث قال عليه السلام: ((لا يعلم اذا أَخطَأ اخطأ أم أصَاب خَبَّاط عشوات))

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث قال عليه السلام: ((لا يعلم اذا أَخطَأ اخطأ أم أصَاب خَبَّاط عشوات))

767 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 14-07-2024

بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر

الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أما بعد:

خَبَّاط

ذكر ابن قتيبة قول الإمام عليّ (عليه السلام): ((...لا يعلم اذا أَخطَأ اخطأ أم أصَاب خَبَّاط عشوات....)) ([1])ومنهم من اكتفى يذكر: ((خبَّاط عشوات))([2]).وفي نهج البلاغة ورد قوله (عليه السلام): ((...جاهل، خبَّاط جهالاتٍ، عاشٍ رَكَّابُ عشوات...)) ([3]).

وردت المفردة الصرفية الغريبة(خَبَّاط) على زنة (فَعَّال) -بفتح الفاء وتشديد العين -من أصل(خَبَطَ). قال الجوهري: ((خَبَطَ البعيرُ الأرضَ بيده خَبْطاً: ضربها. ومنه قيل: خَبْطَ عَشْواءَ وهي الناقة التي في بَصَرَها ضعفٌ، تَخْبِطُ إذا مشتْ، لا تتوقَّى شيئاً)) ([4])، و((يقال للرجل الذي فيه رعونة في لبسه وعمله: يا خباطة)) ([5]). قَوله(عليه السلام) (خبَّاط عشوات)، بمعنى: خبط في ظلمات، وَهُوَ الَّذِي يمشي فِي اللَّيْل بِلَا مِصْبَاح فيتحير ويضل وَرُبمَا تردى فِي بِئْر أَو سقط على سبع، كذا قولهم: يَخْبِطُ فِي عَمْياء؛ إِذَا ركِب أَمْرًا بجَهالة([6]). ويقال: (( يَخْبط فِي الظَّلام والأمْرِ المُلْتَبِس فيتحيَّر)) ([7]).وتُعدُّ مفردة (خبَّاط) من أقوى صِيغِ المبالغةِ للدَّلالةِ على الشيَّء الَّذي يَتَكرَّرُ فعلُهُ([8])، أي: أنَّه(( دائمُ الخبطِ ومستمرٌّ على ذلكَ، وهذا الوصفُ ملازمٌ لهُ، ومُتجدِّدٌ فيهِ))([9]) وخلاصة الكلام هذه اللَّفظةُ تدلُّ على كثرةِ وقوعِهِ في الخطأ،، إذ لم يَعتمدْ في أقوالِهِ وأحكامِهِ على أصلٍ ثابتٍ، أو قاعدةٍ صحيحةٍ، ولا يدري ما لَهُ ممَّا عليه، فكثيرًا ما يخبطُ، ولا يتوانى في إصدارِ القراراتِ والأحكامِ([10]) فشبهه فِي تحيره وتعسفه بواطئ العشوة. كما يقال عند الدُّعَاءِ اللهم إنِّي((أَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ)) ([11])، أَيْ: يَصرَ عنِي ويلعب بِي)([12]).

الهوامش:
([1]) غريب الحديث: ابن قتيبة: 2/120، غريب الحديث: ابن الجوزي: 1/262، النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/8، 3/242، وينظر: الفائق في غريب الحديث: 2/16، وقال الطريحي(العشوة» بتثليث العين الأمر الملتبس وأن يركب الشخص أمرا بجهالة لا يعرف وجهه، من» عشوة الليل» ظلمته والجمع» عشوات» بالتحريك). مجمع البحرين: 1/293.
([2]) الغريبين في القرآن والحديث: 2/530، النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/8، مجمع البحرين: 1/293.
([3]) نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد: 1/283.
([4]) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: (خبط)3/1121، وينظر: لسان العرب: (خبط)19/237.
([5]) تهذيب اللغة: (خبط)7/113.
([6]) ينظر: النهاية في غريب اوالأثر: لأثر: 2/8، 2/ 123، ولسان العرب: (خبط)19/237، والغريبين في القرآن والحديث: 2/530، وغريب الحديث: ابن  الجوزي: 1/262.
([7]) النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/242، وينظر: مجمع البحريين: 1/293.
([8]) ينظر: التحليل اللغوي في ضوء علم الدَّلالة: 85.
([9]) مرويَّات الإمام عليٍّ(عليه السلام) في لسان العرب: سعيد عكاب: (رسالة ماجستير)57.
([10]) ينظر: م. ن57.
([11]) النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/8. 
([12]) مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 156-157.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2956 Seconds