بقلم: د. جليل منصور العريَّض
الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطاهرين.
أما بعد:
الحقوق التي يتعين على الفرد مزاولتها لتكتمل سعادته ـ كما يرى علي عليه السلام ـ متعددة منها:
حق المجتمع:
تتكون العلاقات الاجتماعية السليمة من توازن الفرد مع نفسه ومن ثم مع محيطه الأسري فمعارفه وصداقاته، فينعكس ذلك التوازن على المجتمع، لأن الإنسان وفي خضم اختلاطه وتعامله يدرك بما لديه من خلفيات أخلاقية مكتسبة، حقوق الآخرين عليه، ومن ثم يعرف ان مركزه الاجتماعي يجب ان يتولد من دوره داخل المجتمع، فلا يرضى بالوساطة أو المحسوبية للوصول إلى المركز، لأن لكل فرد حق، وحقه هو أن يأخذ نصيبه وافيا شريطة أن لا يكون على حساب حقوق الآخرين لأن «بلوغ أعلى المنازل بغير استحقاق أكبر أسباب الهلكة»([1]). والهلكة التي يرمي علي عليه السلام إليها ـ كما نعتقد ـ هي الانهيار الأخلاقي الذي يصيب المجتمع بتفشي الرشوة والتفسخ الأخلاقي، وشيوع الفوضى والجهل بين من أنيطت بهم مسؤوليات بناء المجتمع لافتقارهم إلى الكفاءة التي تؤهلهم للقيام بمهامهم، ولاتقاء ذلك يرى عليg أن من حق المجتمع عليك أن تدقق في الأمور وأن تضع كل شيء في موضعه المناسب بالأخذ والعطاء المتكافئين طبقاً للإمكانات المتاحة من علم وخبرة وإدراك واطلاع، بحيث يكون الدافع الداخلي هو المحرك لكل فرد في معرفة قدراته دون الميل إلى هوى النفس وذلك هو المؤهل الاجتماعي الحقيقي، كما نفهمه من قول علي عليه السلام «انظر ما عندك فلا تضعه إلا في حقه، وما عند غيرك فلا تأخذه إلا بحقه»([2]) فقوله (عندك وعند غيرك) يعني العلاقة الاجتماعية الترابطية بين الفرد والمجتمع المتمثل في الغير، وهذه العلاقة ـ كما يتهيأ لنا من المقولة ـ لا تقتصر على النواحي المادية، بل تتعداها إلى جميع الحقوق الاجتماعية والاخلاقية. والحقوق الاجتماعية والاخلاقية في فكر علي عليه السلام كما هي مبثوثة في النهج ـ متنوعة بتنوع أساليب الحياة.)([3]).
الهوامش:
([1]) ابن أبي الحديد ـ 20/ 287، 321.
([2]) ابن أبي الحديد ـ 20/287، 321.
([3]) لمزيد من الاطلاع ينظر: فكر الإمام علي عليه السلام كما يبدو في نهج البلاغة: للدكتور جليل منصور العريّض، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 449-450.