الدنيا في كلام له (عليه السلام) لما عوتب على التسوية في العطاء

مقالات وبحوث

الدنيا في كلام له (عليه السلام) لما عوتب على التسوية في العطاء

281 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 08-04-2025

بقلم السيد عبد الحسين الغريفي المشهدي

الحمد لله رب العالمين، ثم الصلاة والسلام على سيّد الخلق أجمعين سيدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على اعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.

وبعد:

قال عليه السلام:
وَالله لَا يَزَالُونَ حَتَّى لَا يَدَعُوا لِلَّهِ مُحَرَّماً إِلَّا اسْتَحَلُّوهُ، وَلَا عَقْداً إِلَّا حَلُّوهُ، وَحَتَّىٰ لَا يَبْقَى بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا دَخَلَهُ ظُلْمُهُمْ وَنَبَا بِهِ سُوءُ رَعْيِهِمْ، وَحَتَّى يَقُومَ الْبَاكِيَانِ يَبْكِيَانِ: بَاكٍ يَبْكِي لِدِينِهِ، وَبَاكٍ يَبْكِي لِدُنْيَاهُ وَحَتَّى تَكُونَ نُصْرَةٌ أَحَدِكُمْ مِنْ أَحَدِهِمْ كَنُصْرَةِ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ، إِذَا شَهِدَ أَطَاعَهُ وَإِذَا غَابَ أَغْتَابَهُ، وَحَتَّىٰ يَكُونَ أَعْظَمَكُمْ فِيهَا عَنَاءً أَحْسَنُكُمْ بِاللَّهِ ظَنّاً، فَإِنْ أَتَاكُمُ اللَّهُ بِعَافِيَةٍ فَأَقْبَلُوا، وَإِنِ ابْتُلِيتُمْ فَأَصْبِرُوا فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ([1]).

شرح الألفاظ الغريبة:
استحلال المحرم: استباحته؛ بيوت المدر: المنية في طوب وحجر ونحوهما؛ وبيوت الوبر: الخيام؛ نبا به سوء رعيهم: أصله من نبا به المنزل إذا لم يوافقه فارتحل عنه([2]).

الشرح:
الإشارة في هذا الفصل إلى بني أمية فأقسم لا يزالون ظالمين فحذف الخبر للعلم به وذكر لظلمهم غايات.

إحديها: أنهم لا يدعون محرماً إلا استحلوه، وأعظم كبائر المحرمات الظلم وقتل النفس وحالهم فيها مشهور فما ظنك بغيرهما، ومعنى قوله: ((استحلوه)): استعملوه كاستعمال الحلال في عدم التحرج والتأثم به.

الثانية: أن لا يدعوا عقداً إلا حلوه: أي من عقود الإسلام التي نظم بها أمر العالم من قوانين الشرع وضوابطه، وحله كتابه عن حزم تلك القواعد بمخالفتها.

الثالثة: أنه لا يبقى بيت مدر ولا وبر إلا دخله ظلمهم، وهو كناية عن عموم عداوتهم وبغيهم على جميع الخلق من البدو والحضر، وقوله: «ونیا به سوء رعيهم»: أي أوجب سوء رعيهم لأهله نبوهم عنه .

الرابعة: أن يقوم الباكيان: باك يبكي لدينه، وباك يبكي لدنياه.

الخامسة: وحتى تكون نصرة أحدكم من أحدهم كنصرة العبد من سيده، وذكر المشتبه والمشتبه به، ثم أشار إلى وجه الشبه بقوله: «إذا شهد أطاعه وإذا غاب اغتابه». السادسة: «وحتى يكون أعظمكم فيها عناء أحسنكم بالله ظناً: وإنما كان كذلك لأن من حسن الظن بالله كان اشد الناس بعداً منهم وتوكلاً عليه فيكونون عليه أشد كلباً وله أقوى طلباً فكان منهم أكثر تعباً، ثم أردف ذلك بأمر من أنته العافية أن يقبلها، ويشكر الله عليها نعمة، وأراد العافية من الابتلاء بشرورهم لبعض الناس أو بقائم عدل مخلص من بلاتهم، ويأمر من ابتلى بهم بالصبر على ما ابتلي به ووعده على ذلك بحسن العافية لازماً للتقوى والصبر كما قال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}([3]) )([4]))([5]).

الهوامش:
([1]) نهج البلاغة لصبحي صالح: ١٤٣ - ١٤٤ من كلام له عليه السلام رقم ۹۸، ونهج البلاغة للشيخ العطار: ۱۸۸ - ۱۸۹ / من كلام له عليه السلام رقم ۹۷، وشرح نهج البلاغة لابن ميثم ٢: ٤٠٩ / من كلام له عليه السلام رقم ٩٥ ونهج البلاغة للشيخ محمد عبده ۱: ۲۰۷
([2]) شرح الألفاظ الغريبة: 609- 610.
([3]) هود: 49.
([4]) شرح نهج البلاغة لابن ميثم 2: 409-410/ شرح كلامه عليه السلام رقم 95.
([5]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الدنيا في نهج الإمام علي عليه السلام: السيد عبد الحسين الغريفي، ط: مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ص 292-294.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3312 Seconds
BESbswy