بقلم: أ.د علي خلف حسن السنيد
الحَمْدُ للهِ عَلى ما أنْعَمَ، وَلَهُ الشُكْرُ عَلى ما ألْهَمَ، والثَناءُ بِما قَدَّمَ، مِنْ عُمُومِ نِعَمٍ ابْتَدَأها، وَسُبُوغُ آلاءٍ أسْداها، وَتَمامٍ مِنَنٍ والاها، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين.
أما بعد:
قوس قزح، من الظواهر الكونية التي تثير التساؤل والاستفسار. وهو ظاهرة طبيعية فيزيائية تمكن من رؤية سلم ألوان الضوء عند بروز الشمس في نفس الوقت مع هطول الأمطار. حيث يتكون قوس قزح من تحلل الضوء بقطرات المطر. وقد يكون بعد هذه القطرات بضع أمتار أو بضعة كيلومترات، كذلك فهو مألوف في الربيع حيث الأيام الممطرة والمشمسة في آن واحد. وتتألف ألوان قوس قزح من سلسلة من الأقواس الدائرية المتحدة المركز، والذي يقع مركزها على الخط الواصل بين الشمس والراصد، ويكون تقريبا باتجاه ظل الراصد. ويتكون من اللون الأحمر ثم البرتقالي فالأصفر فالأخضر فالأزرق ثم الأزرق الداكن(النيلي) وأخيرا البنفسجي من الخارج إلى الداخل تواليا. ويعود الفضل لنيوتن في هذا التقسيم.
قوس قزح يسمى أيضا قوس المطر أو قوس الألوان وينتج عن انكسار وتحلل ضوء الشمس خلال قطرة ماء المطر، يظهر قوس المطر بعد سقوط المطر أو خلال سقوط المطر والشمس مشرقة. يظهر قوس القزح عادة بشكل نصف دائري وفي حالات نادرة يكون قمرياً حيث يكون انكسار ضوء القمر المسبب لهُ عبر قطرة الماء ملائماً مع مكان وجود القمر في تلك اللحظات. ويظهر للمشاهد نتيجة لضوئهِ الخافت أبيض لأن العين البشرية لا تستطيع أن ترى الألوان في الليل.
أنواع قوس قزح:
يتم تصنيف أقواس قزح اعتماداً على شكلها أو مصدر الضوء المسبب لها، ومن هذه الأنواع:
قوس قزح الطبيعي: ويظهر على شكل نصف دائرة أو قوس كما نراه بالعادة.
قوس قزح المزدوج: ويظهر على شكل قوسين فوق بعضهما البعض ويكون احدهما أقل وضوحا من الثاني.
قوس قزح التوأم: ويظهر على شكل قوسين بجانب بعضهما البعض ويظهران كما لو أنَّهما يخرجان من نفس النقطة.
قوس قزح الأحمر: أو ما يمكن تسميته بالشفق الأحمر أو القوس أحادي اللون، ويظهر عند شروق الشمس وغروبها، ويتكون لأن اللون الأحمر ذو الطول ألموجي الطويل يسافر مسافة أكبر عبر السماء وتتشتت باقي الألوان ذات الطول ألموجي القصير (الأزرق والبنفسجي)، ومن ثمَ يظهر اللون الأحمر وحده في السماء.
قوس الضباب: هي في الغالب تبدو مثل قوس قزح الطبيعي، لكن لأنّ قطرات الماء المعلقة في الجو في الضباب أصغر من قطرات المطر العادية فإنّ قوس الضباب لا يمكن ملاحظته بسهوله ويميل عادةً للون الأبيض أكثر.
قوس القمر: هو قوس ناتج عن انعكاس وانكسار ضوء القمر خلال قطرات الماء وبالطبع لأن ضوء القمر خافتٌ أكثر من ضوء الشمس فإنه يكون باهتاً أكثر من قوس قزح الطبيعي.
هناك اختلافٌ في معنى قُزَح، فقيل: إنّه من القزح أي الارتفاع، وقيل إنّه جمع قُزحة وهي طريقة تتركّب منها الألوان، وهو قَوْس يظهر في السماء ويكون في ناحية الأفق المقابلة للشمس، ويتكوّن من ألوان الطيف متتابعة كالأتي: بنفسجيّ، نيليّ، أزرق، أخضر، أصفر، برتقاليّ، أحمر، وسببه انعكاس أشعة الشمس على رذاذ الماء في الهواء. وهناك من قال: إنّه اسم الملَك الموكل بالسحاب، وقيل: إنّه من قزع، والقزع هو السحاب، ويقال أن قزح اسم من أسماء الشيطان وقيل: اسم لإله الرعد والخصب والمطر عند بعض أهل الكفر، وقيل: اسم ملك من ملوك العجم. لذا يفضل قول قوس المطر أو قوس الله([1])([2])([3]).
أما سيد البلغاء الإمام علي (عليه السلام)، فذكر هذه الظاهرة من خلال تسميتها بهذا الاسم. فقد قال (عليه السلام) وقد نظر إلى السماء في الشتاء، فلاح له القوس الملون ((لا تقولوا قوس قزح، ولكن قولوا قوس الله، وأمان من الغرق))([4])
وقال ابن الكواء: يا أمير المؤمنين أخبرني عن قوس قزح. قال الإمام علي (عليه السلام) ((ثكلتك أمك يا ابن الكواء لا تقل: قوس قزح فان قزح شيطان، ولكن قل قوس الله، فهو أمان لأهل الأرض))([5]))([6]).
الهوامش:
([1]) هايل الجازي، موقع موضوع (قوس قزح)، 29/3/2019 + ويكيبيديا الموسوعة الحرة- قوس قزح.
([2]) فيزياء الجو والفضاء – ج1، ط1، ص298.
([3]) معجم الرائد ط7، ص631.
([4]) مستدرك نهج البلاغة لهادي كاشف الغطاء، ص165، و الإعجاز للبيضون ص54.
([5]) أسألوني قبل إن تفقودوني لعكاشة عبد المنان – ص10.
([6]) لمزيد من الاطلاع ينظر: إشارات ريادية للإمام علي (عليه السلام) في الفيزياء والرياضيات / تأليف: الأستاذ الدكتور علي خلف حسن السنيد، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 77-80.