من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث حقول المعادن والأدوات والآلات ومتعلقاتها: 3- قلع داريّ قوله عليه السلام: (كَأَنَّهُ قِلْعُ دَارِيٍّ عَنَجَه نُوتِيَّه)

396 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 25-11-2025

بقلم: د. زهراء حسين جعفر

الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أما بعد:
ذكر ابن الأثير، وغيره كلام الإمام عَلِيّ (عليه السلام) قوله: ((كَأَنَّهُ قِلْعُ دَارِيٍّ عَنَجَه نُوتِيَّه)) ([1]).
ورد التركيب الغريب في كلامه (قِلْعُ دَارِيٍّ)، والقِلْع بِكَسْرِ القَاف: شِرَاعُ السَّفيِنَة؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا رُفِعَ قَلَعَ السَّفِينَةَ مِنْ مَكَانِهَا([2]).وأصل (القلع) من (قلَعَ) الشيء قلعا: إذا أزاله عن موضعه([3]).أمَّا لفظ (داريّ) فهو منسوب إلى دارين بلدة على البحر، والنوتي الملاح([4]). 
لم يختلف اصحاب الغريب عن أهل اللغة بأنَّ الْقلع والقلاع هو: الشراع، والقِلْع: الَّذِي لَا يَثْبُت عَلَى السَّرْج([5]). ويقال: أقلعت السَّفِينَة جعلته لَهَا([6])، وكذا في الدَّارِيّ بِتشديدِ الياء؛ نُسِبَ إِلَى دَارِين، والقلع منسوب إِلَى هذا المَوضع البحرِي([7]).
وفي نهج البلاغة وردت خطبة له يذكر فيها عجيب خلقة الطاووس تتجلى في الصورة التي رسمها الامام (عليه السلام) في غاية الروعة من خلال هذا الوصف الدقيق العجيب للطاووس وخلقه وحركاته ونشره لريشه، قائلا (عليه السلام) ((ومن أعجبها خلقا الطاووس الذي اقامه في احسن تعديل، ونضَّدَ ألوانه في أحسن تنضيد....،وسما به مطلا على رأسه كأنَّه قِلْعُ داريٍّ...))([8]). والمتمعن في صورة الطاووس التي رسمها الإمام وهو ناشر ذيله يرى بداعة ما ذكره(عليه السلام) من تشبيهه بـ(قلع) السفينة، أي شراعها المصنوع في(دارين)  - وَهُوَ موضعٌ فِي الْبَحْرِ يُؤتى مِنْهُ بالطِّيب-، وهذا الشراع جذبه(نوتيه)، أي: ملاحه لينشره أمام تيارات الهواء التي تدفع السفينة الى وجهتها المطلوبة([9]).والذي يفهم من كلامه (عليه السلام) من خلال الوصف بيان قدرة الخالق في خلق الطاووس بأبهى صورة)([10]).

الهوامش:
([1]) النهاية في غريب الحديث والأثر: 5/123، 3/307، لسان العرب: (نوت)2/101، وَتاج العروس: 5/130، مجمع البحرين: 4/383.
([2]) ينظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: 3/1271، ومقاييس اللغة(قلع)5/22.
([3]) ينظر: مقاييس اللغة: (قلع)5/22.
([4]) ينظر: مجمع البحرين: 4/383.
([5]) ينظر: غريب الحديث: الخطابي: 2/221، والصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: 3/1271، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 4/101.
([6]) ينظر: الفائق في غريب الحديث: 3/224.
([7]) ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/140.
([8]) نهج البلاغة: 268، نهج البلاغة بشرح ابن ابي الحديد: 9/278.
([9]) ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/140.
([10])  مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص215-216.