الرّضا والسّخط

مقالات وبحوث

الرّضا والسّخط

11K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 08-04-2019

الرّضا والسّخط

 

الباحث: محمد حمزة الخفاجي

 

الحمد لله رب العالمين والصَّلَاة والسَّلَام على حبيب إله العالمين، أبي القاسم مُحَمَّد وعلى آل بيته الطّيبين الطَّاهرين...

 

وبعد..

النَّاس زمر منهم من يميل إلى الحقِّ، ومنهم من يميل إلى الباطل، وهؤلاء كثر كما صرَّحت به الآية المباركة في سورة المؤمنون:{وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}[1].

ولكي يميز الله عباده لا بد من ان يختبرهم كي تظهر فعالهم، فعن طريق الرضا والسخط تتضح نوايا الإنسان، لذا قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا يَجْمَعُ النَّاسَ الرِّضَا والسُّخْطُ، وإِنَّمَا عَقَرَ نَاقَةَ ثَمُودَ رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَعَمَّهُمُ اللَّه بِالْعَذَابِ لَمَّا عَمُّوه بِالرِّضَا، فَقَالَ سُبْحَانَه {فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ}[2] )[3].

فمن أحب عمل قوم لا شك ان الله سيشركه معهم، وقد ورد عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنّه قال: (من أحب قوما حشر معهم، ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم)[4].

لذا على الواعي ان يختار طريق الهدى ويعرف أهله، وقد أوصانا نبي الرّحمة بأهل بيته كونهم الصّراط والنّجاة من المهالك، فمن سلك مسلكهم وولج مولجهم أمن العذاب، والعكس لمن تركهم وتخلّف عنهم فقد باء بغضب الله.

وقد قال صالح الهروي لأبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا (عليهما السَّلَام): يا بن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصَّادق (عليه السلام) أنّه قال: إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحُسَين (عليه السَّلَام) بفعال آبائها؟ فقال (عليه السَّلَام): (هو كذلك، فقلت: فقول الله عز وجل: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[5]، ما معناه؟ فقال (عليه السَّلَام): صدق الله في جميع أقواله، لكن ذراري قتلة الحُسَين يرضون أفعال آبائهم ويفتخرون بها ومن رضى شيئًا كان كمن أتاه ولو أن رجلًا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله شريك القاتل وإنما يقتلهم القائم إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم . ..)[6].

فكل من رضا بجرائم بني امية كان كمن شركهم بجرائمهم، وفي زيارة عاشوراء يتبرأ الإمام الصَّادق (عليه السَّلَام) من تلك العصابة التي جاهدة الحسين وشايعت وتابعت على قتله، ويلعن الممهّدين والتّابعين لهم.

أما من أنكر تلك الجرائم ولعن قتلة الإمام الحُسَين (عليه السَّلَام)، فلا شك ان الله سيحشره مع زمرة الموالين والمحبين، وقد قال جابر بن عبد الله الانصاري عند زيارة قبر الحُسَين (عليه السَّلَام) يوم الأربعين: (والَّذي بعث محمّدًا (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بالحقّ لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه، قال عطيّة: فقلت لجابر: وكيف ولم نهبط واديا، ولم نعل جبلًا، ولم نضرب بسيف، والقوم قد فرّق بين رؤوسهم وأبدانهم، وأوتمت أولادهم، وأرملت الأزواج فقال: يا عطيّة سمعت حبيبي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، يقول: من أحبّ قوما حشر معهم، ومن أحبّ عمل قوم أشرك في عملهم، والَّذي بعث محمّدًا (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، بالحقّ إنّ نيّتي ونيّة أصحابي على ما مضى عليه الحُسَين (عليه السَّلَام) وأصحابه)[7].

فالإنسان يحشر مع من أحب هذا هو عدل الله، فنسأل الله أن يحشرنا مع أمير المؤمنين وأبنائه الميامين الطَّيبين الطّاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

 

الهوامش:

[1] - المؤمنون: 70.

[2] - الشعراء: 157.

[3] - نهج البلاغة، الخطبة: 201، ص319، تحقيق صبحي الصالح.

[4] - مستدرك الوسائل، ميرزا حسين النوري الطبرسي، ج12، ص108.

[5] - الأنعام: 164.

[6] - علل الشرائع، ج1، ص229.

[7] - بحار الأنوار، ج98، ص196.

 

المقالة السابقة المقالة التالية

Execution Time: 0.2484 Seconds