البَاحِث: سَلَام مَكّيّ خضيّر.
الحمدُ لله ربّ العالمين، والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الخلق والمُرسلين، أبي القاسم مُحمَّد وآله المنتجبين، واللَّعن الدَّائم على أعدائهم ومبغضيهم وناكري حقّهم ما بقيت وبقي اللَّيل والنَّهار إلى قيامِ يوم الدِّين...
أمَّا بعد...
فإن العديد من القبائل العربية كان لها دور فعَّال في الوقوف مع الإمام الحُسَين (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) في قضيته الإصلاحيَّة، ضد الجور والظّلم والفسوق، فوقفوا بكلّ بسالة وصلابة بوجه يزيد وأعوانه –لعنهم الله إلى أبد الآبدين-.
فمن هذه القبائل التي رفدت القضيَّة الحُسَنيَّة بالأنصار: (هي قبيلة طيّ)، فهذه القبيلة لو تتبّعنا تاريخها لنجده زاخرًا بالأصالة ومليئًا بالبطولات والوقوف مع آل البيت النَّبوي (عليهم السّلَام) ضد الباطل وأعداء الرّسالة الإسلاميَّة، فمن أبناء هذه القبيلة الذين ناصروا الإمام الحُسَين (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) ووقف معه وأستشهد ونال شرف الشَّهادة على يده في كربلاء: (أُميَّة بن سعد الطَّائي).
اسمه ونسبه:
أُميَّة بن سعد بن زيد الطَّائي من قبيلة (طيّ) العربية الأصيلة القحطانيَّة، وكان يكنَّى بأبي الصّمصام[1]، ولم ينقل لنا أرباب السير والأنساب سوى هذا الذي وجدناه.
صحبته للإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام)، ومشاهده معه:
كان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) الخلَّص ومن التَّابعين والموالين له، فكانت له أدوار بارزة وذكر في المغازي والحروب خصوصًا يوم صفّين مع الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام)، فهو يمتاز بالبطولة والشَّجاعة والفروسيّة، وكان شديد الحبّ والفداء والولاء لآل البيت النّبويّ (عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام)، وإتّباع خطواتهم والسَّير على نهجهم القويم، وكان من الملتزمين بما أمر به الرَّسول الأكرم (صلَّى الله عليه وآله) من الموالاة والاتّباع والمناصرة للإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام)[2]، ومما قاله (صلَّى الله عليه وآله) في التَّأكيد والحث على اتّباعه (عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام) حديث يوم الغدير: (من كنت مولاه فهذا عَلِيّ مولاه، اللهمَّ والِ من والاه وعادِ من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله)[3].
فهذا الصَّحابي أُميَّة بن سعد الطَّائيّ (رضوان الله عليه) سواء كان قد رأى الرَّسول (صلَّى الله عليه وآله)، وسمع منه أو وصلت إليه تلك الأخبار والأوامر الرّبَّانيَّة التي تحثّ على ملازمة أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) عن طريق الرّواة، فهو قد التزم بما أوجب عليه أن يلتزم به من تكليفات شرعيَّة مفروضة على المُسلمين ومنها اتّبّاع آل بيت النَّبيّ (صلَّى الله عليه وآله) وموالاتهم ونصرتهم وفداؤهم (عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) بالغالي والنَّفيس.
نصرته للإمام الحُسَين بن عَلِيّ (عليهما السَلَام):
كان الصَّحابي أُميَّة بن سعد بن زيد الطَّائِي (رضوان الله عليه) نازلًا في الكوفة من العراق، فعند سماعه بقدوم الإمام الحُسين (عليه السَّلَام) إلى كربلاء، خرج إليه أيام المهادنة[4]، ليلة الثَّامن من المحرم وكان ملازمًا له (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) إلى يوم العاشر، فلمَّا نشب القتال تقدّم بين يدي سيِّده وإمامه الإمام الحُسَين (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) المفروضة على الأمة الإسلامية طاعته، فخاض القتال داخل ساحة معركة الطَّف في كربلاء وقد أبلى بلاءً حسنًا[5].
استشهاده (رضوان الله عليه):
فبعد أن دخل السَّاحة لخوض القتال والدّفاع عن آل بيت النَّبيّ (عليهم الصلاة والسلام) وعن بضعته وخاصَّته الإمام الحُسَين بن عَلِيّ بن أبي طالب (عليهما السَّلَام)، قاتل بروحٍ عالية من الطّمأنينة والإيمان الحقيقي الرَّاسخ في جوفه، وبحبٍّ وولاء لآل البيت النَّبويّ (عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام)، وبشجاعة وفروسية، لم ينثنِ ولم يتخلَّف عن الحرب حتى أُستشهد بين يدي إمامه الإمام الحُسَين بن عَلِيّ بن أبي طالبٍ (عليهما السَّلَام)، في أَوَّل الحرب[6].
فرحمه الله تعالى يوم وُلِد ويوم أُستشهِد ويوم يُبعث حيًّا، وجعلنا الله تعالى وإيَّاه من دائِمي الولاء والحب والطَّاعة لنبيّنا مُحمَّد بن عبد الله (صلَّى الله عليه وآله) ولآل بيته الأطهار (عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام)، وجمعنا على حبّهم في جنَّات الخُلد إنَّه سميعٌ مُجيب...
الهوامش:
[1] ينظر: مستدركات علم الرّجال، الشَّيخ عَليّ النّمازي الشَّاهرودي: 8/408.
[2] ينظر: أعيان الشِّيعة، السَّيِّد مُحسن الأمين: 498، وأبصار العين في أنصار الحُسَين (عليه السَّلَام)، الشَّيخ مُحمَّد السّماوي: 198.
[3] شرح الأخبار، القاضي النّعمان المغربي: 1/101.
[4] ينظر: أبصار العين في أنصار الحُسين (عليه السَّلَام): 198.
[5] ينظر: أعيان الشيعة: 3/498.
[6] ينظر: أبصار العين في أنصار الحُسين (عليه السَّلَام): 198.