رحيل السَّيِّدة العظيمة زينب الحوراء (عليها السَّلَام)

مقالات وبحوث

رحيل السَّيِّدة العظيمة زينب الحوراء (عليها السَّلَام)

5K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 11-03-2020

الباحث: محمّد حمزة الخفاجي...
الْحَمْدُ لله وإِنْ أَتَى الدَّهْرُ بِالْخَطْبِ الْفَادِحِ، والْحَدَثِ الْجَلِيلِ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا الله لَا شَرِيكَ لَه، لَيْسَ مَعَه إِلَه غَيْرُه، وأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه (صلى الله عليه وآله)..
وبعد ...
لم تعش هذه السيدة الفاضلة بعد واقعة كربلاء إلا مدة قصيرة، وهذا حال كثير ممن حضر واقعة كربلاء، فلهول المصاب وألم الفراق قد فارقن الحياة حسرة على الحسين وأهل بيته الطيبين (صلوات الله عليهم أجمعين)، فما أن تشرب مخدرة الماء إلا وذكرت الإمام الحسين (عليه السلام) وعطشه، لذا كان الموت أحب إليهن من العيش في هذه الدنيا التي خذلت الحسين (عليه السلام) ونصرت يزيد (لعنه الله).

    كلمات خالدة:
كان لهذه السيدة خطب وأقوال وكلمات قد خلدها الدهر منها أنها قالت لابن زياد حينما سمعته يقول: (الحمد لله الذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم، فقالت: ((إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر، وهو غيرنا))، فقال ابن زياد: كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيتك؟ فقالت: ((ما رأيت إلا جميلا، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك يا ابن مرجانة))[1].
لم تنظر السيدة الى الجانب المأساوي والمؤلم وانما نظرت الى العز والخلود في تلك الصفوة الطاهرة الذين برزوا الى القتال لنصرة الدين مع يقينهم بالنصر لذا قالت له (ما رأيت إلا جميلا). فهذا هو الجميل الذي تحدثت عنه الحوراء هو أن الحسين نال الخلود وهذا مبتغاه .
ومنها أنها قالت ليزيد (عليه اللعنة) ((فكد كيدك واسعَ سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم يناد المناد ألا لعنة الله على الظالمين، فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة ولآخرنا بالشهادة والرحمة))[2].
فكانت الحوراء (عليها السلام) متيقنة أيضاً أن الله منجز وعده فذلك عهد معهود من الله الى رسوله وأهل بيته (عليهم السلام) أنه سيرفع للحسين في كربلاء علما يكون مفاز الشيعة، وكانت هذه السيدة ممن أُعتمد عليها في هذا الأمر إذ إنها تمثل الجانب الإعلامي الذي به نصر الله أوليائه وخذل أعدائه.
ففي رواية طويلة نأخذ منها موضع الشاهد أنها (عليها السلام) قالت للإمام السجاد (عليه السلام) حينما رأته يجود بنفسه وهو ينظر إلى جسد الحسين (عليه السلام) ومصارع أهل بيته (عليهم السلام): (لا يجز عنك ما ترى فوالله إن ذلك لعهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جدك وأبيك وعمك، ولقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأمة، وهم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها، وهذه الجسوم المضرجة وينصبون لهذا الطف علما لقبر أبيك سيد الشهداء، لا يدرس أثره ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام، وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلا ظهورا، وأمره إلا علوا)[3].
وكان للسيدة زينب (عليها السلام) دور كبير في إحياء الشعائر الحسينية فهي أول من اقام المآتم ذلك في قصر يزيد (لعنه الله) إذ طلبت منه أن تقيم مأتما للحسين (عليه السلام) فأجاز لها، فمن بيت قاتل الحسين أقيمت الشعائر حتى أن نساء يزيد شاركن في مأتم الحسين وضجت الناس بالبكاء حتى أن يزيد (لعنه الله) شعر بخطورة الموقف فقام بإرجاع السبايا إلى مدينة جدهم مخافة انقلاب الناس عليه.
فهذه نبذة بسيطة عن مواقف هذه السَّيِّدة الفاضلة، وفي ختام مقالتنا نعزي الإمام المهدي (عجل الله فرجه) بذكرى وفاة السيدة زينب (عليها السلام) ونسأل الله التعجيل بالفرج والنصر...
الهوامش:
[1] - بحار الأنوار، العلامة المجلسي: 45 / 116.
[2] - المصدر نفسه: 45 / 135.
[3] - كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه:

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2756 Seconds