غزوة بني قريظة

مقالات وبحوث

غزوة بني قريظة

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 14-07-2020

الباحث: محمد حمزة عباس

كان بني قريظة من يهود المدينة، وآخر من أجلاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بعد بني النضير، وبني قينقاع، ذلك لنقضهم العهود والمواثيق التي أخذها نبي الرحمة منهم، وقد أنزل الله فيهم: {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}[1].
قال مجاهد: هذه الآية نزلت في بني قريظة، لما نقضت عهد النبي (صلى الله عليه واله)، في ألا يحاربوه ولا يمالؤا عليه، فنقضوا عهده، ومالؤا عليه، وعاونوا قريشًا يوم الخندق، فانتقم الله منهم[2].

فقوله تعالى: {يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ}. بيان خيانتهم وبقائهم على ما هم عليه من الخيانة ونقض العهود والمواثيق، ولذا أمر الله نبيه بإجلائهم من المدينة والخلاص من شرهم. 
(وكانت الخطة أن تهاجم قريظة المدينة من شرقها، والأحزاب من غربها فيحتلوها؛ لكن قريظة طلبت من الأحزاب رهائن، حتى لا ينسحبوا ويتركوهم وحدهم في مواجهة النبي «صلى الله عليه وآله»، فلم يعطوهم، حتى كانت هزيمة الأحزاب، وما إن رجع النبي «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة، حتى نزل جبرئيل وأمره بغزو بني قريظة)[3].
وقد انتشر خبر قتل أمير المؤمنين (عليه السلام)، لعمر بن ود العامري (لعنة الله عليه) يوم الأحزاب، وفرار المشركين إثر ذلك الحدث، فصاروا يهابون الإمام (عليه السلام).
يقول الإمام الباقر (عليه السلام): «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بعث علياً يوم بني قريظة بالراية، وكانت سوداء تدعى العقاب، وكان لواؤه أبيض»[4].
وقد حاصرهم النبي خمساً وعشرين ليلة، وحينما سمع بنو قريظة مقالة الإمام إذ قال (عليه السلام): (والله لأذوقن ما ذاق حمزة، أو لأفتحن حصنهم)، فقالوا: (يا محمد ننزل على حكم سعد)[5].
ومن مقالة الإمام علي (عليه السلام) السابقة فهم بنو قريضة عزم الامام (عليه السلام)، على الشهادة أو النصر، وقد لاح ذلك في معالم وجهه الكريم لعدوه، ولذا عرف يهود بني قريظة أنهم هالكون لا محال، فطلبوا التفاوض مع النبي.
قال الإمام  علي «عليه السلام»: (فاجتمع الناس إلي وسرت حتَّى دنوت من سورهم، فأشرفوا عليَّ؛ فحين رأوني صاح صائح منهم: قد جاءكم قاتل عمرو، وقال آخر: قد أقبل إليكم قاتل عمرو، وجعل بعضهم يصيح ببعض ويقولون ذلك، وألقى الله في قلوبهم الرعب، وسمعت راجزاً يرجز:

قتل عليٌّ عمراً ... صاد علي صقرًا

قصم علي ظهراً .... أبرم علي أمراً

هتك علي ستراً

فقلت: الحمد لله الذي أظهر الإسلام وقمع الشرك)[6].
فكان (صلوات الله وسلامه عليه) سيف الله ورسوله، قامع الكفرة، ومبيد الفجرة، المسدد المنصور، الذي بسيفه علا الإسلام، وانتكس الكفر وأهل الخذلان.

الهوامش:
[1] - الأنفال: 56 – 58.
[2] - التبيان في تفسير القرآن، الشيخ الطوسي: 5 / 143.
[3] - جواهر التاريخ: 2 / 331.
[4] - قرب الاسناد: 131.
[5] - البداية والنهاية، ابن كثير: 4 / 139.
[6] - الارشاد، الشيخ المفيد: 1 / 109.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2673 Seconds