بقلم: الدكتور خليل خلف بشير
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
وبعد:
أفاد من قوله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾- الآية /7، في تفسير المحكم والمتشابه من كتاب الله عز وجل فقال : ((أما المحكم الذي لم ينسخه شيء من القرآن فهو قول الله عز وجل : ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ وإنما هلك الناس في المتشابه لأنهم لم يقفوا على معناه ولم يعرفوا حقيقته، فوضعوا له تأويلات من عند أنفسهم بآرائهم واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء . . . وأما المتشابه من القرآن فهو الذي انحرف منه، متفق اللفظ مختلف المعنى، مثل قوله عز وجل : ﴿يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ فنسب الضلالة إلى نفسه في هذا الموضع، وهذا ضلالهم عن طريق الجنة بفعلهم، ونسبه إلى الكفار في موضع آخر ونسبه إلى الأصنام في آية أخرى))[1].
وألمع إلى التقية التي وردت في قوله تعالى ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾/الآية 28 فقال : ((وأمرك أن تستعمل التقية في دينك فان الله عز وجل يقول ﴿لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ وقد أذنت لك في تفضيل أعداءنا ان لجأك الخوف إليه وفي اظهار البراءة منا ان حملك الوجل عليه وفي ترك الصلوات المكتوبات إن خشيت على حشاشتك الآفات والعاهات فإن تفضيلك أعداءنا علينا عند خوفك لا ينفعهم ولا يضرنا وإن إظهارك براءتك منا عند تقيتك لا يقدح فينا ولا ينقصنا ولئن تبرأت منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنانك لتبقى على نفسك روحها التي بها قوامها ومالها الذي به قيامها وجاهها الذي به تماسكها وتصون من عرفك بذلك وعرفت به من أولياءنا وإخواننا من بعد ذلك بشهور وسنين إلى أن يفرج الله تلك الكربة وتزول به تلك الغمة فإن ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك وتنقطع به عن عمل الدين وصلاح إخوانك المؤمنين وإياك ثم إياك أن تترك التقية التي أمرتك بها فإنك شائط بدمك ودم إخوانك معرض لنعمتك ونعمهم على الزوال مذل لك ولهم في أيدي أعداء دين الله وقد أمرك الله بإعزازهم فإنك إنْ خالفت وصيتي كان ضررك على نفسك وإخوانك أشد من ضرر المناصب لنا الكافر بنا))[2].[3].
الهوامش:
[1]- ميزان الحكمة 3/2534.
[2]- مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) 3/201.
[3]لمزيد من الاطلاع ينظر: من النتاج الفكري لأمير المؤمنين عليه السلام تفسيره المغيب للقرآن الكريم وادعيته العلوية للدكتور خليل خلف بشير، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 72 –74.