الادارة المالية عند الإمام علي (عليه السلام): مراعاة الفلاحين لتحسين الزراعة

مقالات وبحوث

الادارة المالية عند الإمام علي (عليه السلام): مراعاة الفلاحين لتحسين الزراعة

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 10-05-2022

بقلم: م. م. هدى ياسر سعدون

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
يضع أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام القوانين في الإدارة المالية للولاة لا سيما في عهده لمالك الأشتر رحمه الله فيبين له أهمية مراعاة ظروف الرعية (الفلاحين) التي تعتريها في أثناء زراعة الأرض وذلك عند فرض الخراج (الضرائب) مختصاً بحالات طارئة قد حددها الإمام عليه السلام بما يأتي:
«فإِنْ شكوْا ثِقلاً أوْ عِلّةً [1]، أوِ انْقِطاع شِرْب [2]، أوْ بالّة [3]،أوْ إِحالة أرْض اغْتمرها غرقٌ، أوْ أجْحف بِها عطشٌ؛ خفّفْت عنْهُمْ بِما ترْجُو أنْ يصْلُح بِهِ أمْرُهُمْ»[4].

يبدو أن الحالات التي ذكرها الإمام (عليه السلام) والتي تحد من نشاط المزارعين- هي ثقل مقدار ضريبة الخراج المفروض عليهم أو قد يتعرض المزروع إلى آفات زراعية أو تنقص المياه التي يعتمدون عليها في الإرواء في حين قد يكون المطر أغرقها[5]، ومن ثمّ أدى إلى إتلافها لذلك يجدر بالوالي في هذه الحالة أن يخفض الضرائب أو يلغيها مراعياً إعمار الأراضي المتضررة والتخلص من الآفات.
فضلاً عن ذلك ان الإمام (عليه السلام) أمره «أن يخفف عنهم متى لحقهم شيء من ذلك؛ فإن التخفيف يُصلح أمورهم، وهو وإن كان يُدخل على الماء نقصًا في العاجل إلا انه يقتضي توفير زيادة في الآجل، فهو بمنزلة التجارة التي لابدّ فيها من إخراج رأس المال وانتظار عوده وعود ربحه»[6].
«ولا يثْقُلنّ عليْك شيْءٌ خفّفْت بِهِ الْمؤُونة عنْهُمْ، فإِنّهُ ذُخْرٌ يعُودُون بِهِ عليْك فِي عِمارةِ بِلادِك، وتزْيِينِ وِلايتِك، مع اسْتِجْلابِك حُسْن ثنائِهِمْ، وتبجُّحِك بِاسْتِفاضةِ الْعدْلِ فِيهِمْ، مُعْتمِداً فضْل قُوّتِهِمْ، بِما ذخرْت عِنْدهُمْ مِنْ إِجْمامِك لهُمْ، والثِّقة مِنْهُمْ بِما عوّدْتهُمْ مِنْ عدْلِك عليْهِمْ فِي رِفْقِك بِهِمْ»[7])[8].

الهوامش:
[1] علةً: علة الرجل، إذا نازعته نفسه إلى شيء وعلة: جاع وضجر، ابن زكريا، مجمل اللغة مادة (عل)، 3/624-625.
[2] شرب: تناول كل مائع ماء كان أو غيره والشرب النصيب، الاصفهاني، المفردات، مادة (شرب)، ص260.
[3] بالّه: بللته بالماء بلا من باب قتل فابتل هو، الفيومي، المصباح المنير، مادة (بلل)، ص44.
[4] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، كتاب (53)، 17/53.
[5] «قال أبو حنيفة، ومالك وابن أبي ذئب، وأبو عمرو الأوزاعي: إذا أصابت الغلات آفة أو غرق سقط الخراج عن صاحبها وإذا كانت أرض من أراضي الخراج لعبد أو مكاتب أو امرأة فإن أبا حنيفة قال عليها الخراج فقط، وقال سفيان، وابن أبي ذئب ومالك: عليها الخراج وفيما بقي من الغلة العشر»، البلاذري، فتوح البلدان، ص430.
[6] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 17/54.
[7] المصدر نفسه، كتاب (53)، 17/55.
[8] لمزيد من الاطلاع ينظر: الفكر الإداري عند الامام علي عليه السلام في نهج البلاغة، هدى ياسر سعدون، طبعة مؤسسة علوم نهج البلاغة، العتبة الحسينية المقدسة: ص 283-285.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2969 Seconds