مناقشة أقوال الآلوسي في تفسيرقوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} و{يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ} ودفاعه عن خصوم فاطمة عليها السلام.

مقالات وبحوث

مناقشة أقوال الآلوسي في تفسيرقوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} و{يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ} ودفاعه عن خصوم فاطمة عليها السلام.

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 29-06-2023

ثانياً: هل الضرورة في دفع وراثة المال كانت لحفظ قول النبي صلى الله عليه وآله من التكذيب أم قول أبي بكر؟.

بقلم: السيد نبيل الحسني.

ينتقل الآلوسي  إلى إيراد مغالطة جديدة في تفسير الآيتين الخاصتين بالتوارث بين الأنبياء عليهم السلام، أي قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} و{يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ}، فيجدد الدفاع عن خصوم فاطمة عليها السلام وعِبر سلسلة من المغالطات، فيطرح على نفسه تسائلا فيقول :
(فإنْ قيل: الوارثة في وراثة العلم مجاز، وفي وراثة المال حقيقة، وصرف اللفظ من الحقيقة الى المجاز لا يجوز بلا ضرورة، فما الضرورة هنا؟) .
فيرد مجيباً على ما طرحه من تسائل ، فيقول: (أُجيب: بأنّ الضرورة هنا حفظ كلام المعصوم ، [أي النبي صلى الله عليه وآله] من التكذيب).

أقول:
1 ـ لا يمكن دفع الحق بالباطل وأن كانت الألفاظ منمقة ومتسقة ومختارة لإشغال فكر المتلقي بها، فهي وأن أخذت من التأمل لدى المتلقي للحظات لكنها ­{كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النور: 39].
2ـ إنّ السؤال الحقيقي في ظلامة فاطمة (صلوات الله عليها) الذي يطرحه القرآن والسُنّة النبوية والتاريخ الإسلامي هو : هل الضرورة الشرعية والأخلاقية والعرفية والفلسفية تقتضي حفظها وصونها وإكرامها أم توهينها وإغضابها ومنعها من جميع حقوقها التي فرضها الله ورسوله صلى الله عليه وآله؟!
3 ـ وهل الضرورة عند الآلوسي وأشياخه من أعلام أهل السُنَّة والجماعة (حفظ كلام المعصوم من التكذيب) ، أَمْ حفظ كلام أبي بكر من التكذيب والانتصار لسُنّته في إغضاب بضعة النبوة حتى ماتت وهي واجدة وساخطة عليه وعلى من آزره على ظلمها كما يروي البخاري ومسلم وغيرهما؟!
3 ـ وهل أنَّ بعض الصحابة قد حفظوا قول المعصوم (صلى الله عليه وآله) من التكذيب لمّا طلب منهم أن يأتوه بقرطاس ودواة ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا من بعده: فقالوا: هجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أم أن الضرورة عندهم تقتضي عصيان أمره وإيذاءه ، أم أن الضرورة هنا تجيز تكذيبه والعياذ بالله بأنه يهجر ؟!!
إذن: يحرص الآلوسي وأسلافه على حفظ ما سُنّهُ أبو بكر في التعامل مع بضعة النبوة وصفوة الرسالة (عليها السلام) من التكذيب ، وليس حفظ قول المعصوم (صلى الله عليه وآله) ، وذلك لما يرتبط بأذاها من نصوص وآثار تواتر ذكرها في الأحاديث النبوية .
ومِنْ ثمَّ : لا يمكن دفع التوارث بين الأنبياء عليهم السلام في الأموال بعد إقرار القرآن والسُنّة واللغة بذلك ، إلا أن الحقيقة المرّة والتي لا مفرَّ منها ، هي : تضافر الأمة على هضم فاطمة (عليها السلام) وقد تجلّت في دفاعهم عن خصومها والانتصار لهم ، وهو ما صرّح به أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطابه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، بعد أن واراها في الثرى ، فحوّل بوجهه إلى الروضة النبوية الشريفة ، فقال:
« السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه عَنِّي ، والسَّلَامُ عَلَيْكَ عَنِ ابْنَتِكَ وزَائِرَتِكَ والْبَائِتَةِ فِي الثَّرَى بِبُقْعَتِكَ...»[1] إلى أن يقول: «وسَتُنَبِّئُكَ ابْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ [عليَّ] وعَلَى هَضْمِهَا ، فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ واسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ»[2] «فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا ، وستقول ، ويحكم الله ، وهو خير الحاكمين»[3] . [4]

الهوامش:
[1] الكافي ، الكليني : ج1 ص458 ؛الأمالي ، الشيخ المفيد:ص283 ؛  نهج البلاغة ، الشريف الرضي : الخطبة رقم 202 .
[2] نهج البلاغة، الشريف الرضي: الخطبة رقم: 202
[3] الأمالي ، الشيخ المفيد : ص282
[4] لمزيد من الاطلاع ، ينظر : معارضة حديث لا نورث للقرآن والسُنّة واللغة، السيد نبيل الحسني: 212 / 213 ، إصدار مؤسسة علوم نهج البلاغة التابعة للعتبة الحسينية المقدسة، ط1 دار الوارث كربلاء - 2021م – مع بعض التصرف والإضافة- .

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.4314 Seconds