من أخبار الإمام علي عليه السلام في كتاب المصنف لابن أبي شيبة الكوفي منزلة الإمام علي (عليه السلام) من الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) ثانياً: قوله (صلى الله عليه وآله): ((من كنت مولاه فهذا علي مولاه))

مقالات وبحوث

من أخبار الإمام علي عليه السلام في كتاب المصنف لابن أبي شيبة الكوفي منزلة الإمام علي (عليه السلام) من الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) ثانياً: قوله (صلى الله عليه وآله): ((من كنت مولاه فهذا علي مولاه))

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 09-07-2023

بقلم: الدكتور محمد سعدون عبيد العكيلي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
يورد الكوفي[1] رواية بسنده يذكر فيها منزلة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث يذكر: (... عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كنت وليه فعلي وليه).
 واتفق سليم بن قيس الهلالي الكوفي (ت 76 هـ)[2] مع الكوفي بذكر الرواية إلا أنه لم يذكر سندًا فقال: (... ونبينا (صلى الله عليه وآله) قد نصب لأمته أفضل الناس وأولاهم وخيرهم بغدير خم وفي غير موطن. واحتج عليهم به وأمرهم بطاعته، وأخبرهم أنه منه بمنزلة هارون من موسى، وأنه ولي كل مؤمن بعده، وأن كل من كان هو وليه فعلي وليه ومن كان هو أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه...).
وشرح القاضي النعمان[3] بذكره الرواية موضوع الولاية بطريقة تختلف عن طريقة الكوفي حيث ذكر: (فالخبر عن قيام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم بولاية علي صلوات الله عليه وعلى الأئمة من ولده. وما قال في ذلك مما ذكره من ولايته أيضا من مشهور الاخبار، ومما رواه الخاص والعام، وفي ذلك أبين البيان على إمامته واستخلافه إياه على أمته من بعده أن جعله أولى بهم منهم بأنفسهم كمثل ما كان الله عز وجل جعله هو فيهم بقوله: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[4] ومن كان أولى بهم من أنفسهم وكان مولاهم كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهو أحق الناس بمقامه فيهم من بعده، والمولى هاهنا: الولي كذلك هو في لغة العرب يسمون الولي مولى. فقول رسول الله صلى الله عليه وآله: (من كنت مولاه فعلي مولاه) أي: من كنت وليه في دينه فعلي وليه في دينه، أي الذي يلي عليه فيه وفي جميع أموره وتلك منزلة أنبياء الله في الأمم ومنزلة الأئمة من بعدهم كل إمام في أهل عصره. وقد قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بولاية علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وعلى الأئمة من ولده، وأوقف الأمة على أنه وليهم وإمامهم من بعده في غير مقام ومشهد بقول مجمل ومفسر وعلى قدر طبقاتهم ومنازلهم وما يعلمه من قبولهم له وإقبالهم عليه وانحرافهم عنه وكان أول ذلك فيما رواه الخاص والعام).
 ويذكر الشريف الرضي (ت: 460هـ)[5] رواية طويلة يختلف فيها مع الكوفي أولاً بسندها وثانياً بمضمون موضوعها حيث أكد على موضوع الولاية والخلافة من بعد وفاة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) فيذكر: (وهذا الخبر بتمامه هو خبر يوم الغدير الذي يقول فيه (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، واخذل من خذله، وانصر من نصره وقد رواه من مشهوري الصحابة   عشرة، أولهم أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو الصادق المصدق، وزيد بن أرقم، وحذيفة بن أسيد، والبراء بن عازب، وسعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة، وجابر بن عبد الله، وأبو أيوب خالد بن   زيد، وأنس بن مالك، وبريدة بن الحصيب الأسلمي. فأما زيد بن أرقم، وبريدة بن الحصيب، فقد روى عنهما في هذا الخبر: (من كنت وليه فعلي وليه (، ووافقهما ابن عباس على ذلك. وأخبرنا بهذه الرواية خاصة -وهي أشهر الروايات- أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، قال: أخبرنا إبراهيم ابن محمد بن عرفة الواسطي، قال :... عن زيد بن أرقم، أخبرنا بذلك أبو عبيد الله المرزباني في جملة ما أخبرنا به من رواياته ومصنفاته. وعلى هذه الرواية تخرج اللفظة من الاحتمال، وتكون أقرب إلى المعنى المراد، لأن ولي النبي (صلى الله عليه وآله) أولى به من غيره، وأحق بالاستيلاء عليه من كل من لم يضرب فيه بمثل حقه. وقد روى عمران بن حصين عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (علي ولي كل مؤمن بعدي). وفي هذا الخبر تصريح بأنه من بعده ولي الأمر وواليه، والقائم مقامه فيه كما قال الكميت بن زيد الأسدي (ت 126هـ)[6] في ذلك:

ونعم ولي الأمر بعد وليه             ومنتجع التقوى ونعم المؤدب)

وأيضاً يذكر الشيخ الطوسي[7] جوهر الرواية ومعناها الذي يختلف فيه مع الكوفي ويتفق مع الشريف الرضي عموماً بالسند وخصوصاً بموضوع الولاية: (... من ولاية ولي أمرك فحذرته وأنذرته ان لم يبلغ ان تسخط عليه، وإنه إن بلغ رسالاتك عصمته من الناس فنادى مبلغا وحيك ورسالاتك ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، ومن كنت وليه فعلي وليه، ومن كنت نبيه فعلي أميره...).
ويذكر الشيخ الصدوق[8] الرواية بسند مختلف وهو سند عن الأئمة المعصومين أكثر ما يقال عنه سند السلسلة الذهبية وهنا يختلف مع ابن أبي شيبة بالسند والمضمون فيقول: (... قالت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إن النبي (عليه الصلاة والسلام) قال لعلي (عليه السلام): (من كنت وليه فعلي وليه ومن كنت إمامه فعلي إمامه).
وأيضاً بسند آخر ورواية أُخرى يذكر الشيخ الصدوق[9] ما ذكره الكوفي ولكن باختلاف السند والمضمون وتسلسل الكلام فيورد ويذكر: (حدثنا محمد بن عمر الحافظ الجعابي، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله العسكري قال: ... عن أبي سعيد، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): من كنت وليه فعلي وليه، ومن كنت إمامه فعلي إمامه ومن كنت أميره فعلي أميره، ومن كنت نذيره فعلي نذيره، ومن كنت هاديه فعلي هاديه، ومن كنت وسيلته إلى الله تعالى فعلي وسيلته إلى الله عز وجل، فالله سبحانه يحكم بينه وبين عدوه).
نستدل ونلاحظ هنا إنَ ابن أبي شيبة كان قد احتاط بذكر روايته من الإفصاح بأمر الولاية ويبدو أنه كان غير منصف في ذكره لها أما لحساسية موضوعها أو تستراً من الجو والمناخ السائد في عصره حيث السلطة العباسية القائمة على نفي ومعاداة تراث وتاريخ آل البيت الأطهار)[10].

الهوامش:
[1] المصنف، ج7، ص494.
[2] كتاب سليم بن قيس الهلالي الكوفي، تحقيق: محمد باقر الأنصاري الزنجاني، ط1، نشر دليل ما، (إيران - 1422هـ)، ص367؛ الكوفي، محمد بن سليمان (ت300هـ)، مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام)، تحقيق: محمد باقر المحمودي، ط1، مجمع احياء الثقافة الإسلامية، (قم - 1412هـ)، ج1، ص450 وما بعدها.
[3] شرح الأخبار، ج1، ص106. 
[4] سورة الأحزاب، آية: 6.
[5] المجازات النبوية، تحقيق: طه محمد الزيتي، د- ط، مكتبة بصيرتي، (قم، د- ت)، ص217.
[6] الروضة المختارة شرح القصائد الهاشميات، د- ط، مؤسسة الأعلمي، (بيروت - لبنان)، (1392هـ - 1972م)، ص41.
[7] تهذيب الأحكام، تحقيق: السيد حسن الخرسان، ط4، دار الكتب الإسلامية، (إيران - 1365هـ)، ج3، ص144.
[8] عيون أخبار الرضا، ج2، ص69، كمال الدين وتمام النعمة، تحقيق: علي أكبر الغفاري، د- ط، مؤسسة النشر الإسلامي، (قم - 1405هـ)، ص238.
[9] معاني الأخبار، تصحيح: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي، (قم - 1379هـ)، ص66.
[10] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخبار الإمام علي بن ابي طالب في كتاب المصنف لابن ابي شيبة الكوفي: تأليف محمد سعدون عبيد العكيلي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 104-108.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2787 Seconds