ماذا صنع النبي صلى الله عليه وآله بعد رزية يوم الخميس فحدث ما لم يتوقعه بعض الصحابة.

مقالات وبحوث

ماذا صنع النبي صلى الله عليه وآله بعد رزية يوم الخميس فحدث ما لم يتوقعه بعض الصحابة.

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 14-09-2023

بقلم: السيد نبيل الحسني.

بعد أنْ مُنعَ النبي (صلى الله عليه وآله) من كتابة الكتاب الذي تنجو الأمة به من الضلال ، وتأمن من الوقوع في الفتن ، وسفك الدماء ، والتفرّق والهلاك، بقول بعض الصحابة له: (ما له أهجر استفهموه )[1] ؟!
فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يزل يجاهد من أجل أمته ، شديد الحرص على نجاتها .
لكن السؤال المطروح : ماذا صنع النبي (صلى الله عليه وآله) بعد أن قيل له: « أنه يهجر» ليبطلوا فحوا الكتاب الذي أراد أن يكتبه ، ويسلبوا منه شرعيته ، وجميع من حضر عنده في يوم الخميس يترقب ماذا  سيفعل بعد أن أخرجهم من داره وكلمات الغضب تجلل خطابه ، قائلا لهم :
«ذروني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه»[2] .
فخرجوا من عنده وهم يرقبون ماذا سيفعل لا سيما وأن الذي قال من الصحابة: (دعوه أنه ليهجر) !!!
لم يكن يتوقع أن النبي صلى الله عليه واله سيتمكن من فعل شيء وهو بهذا الحال من الضعف البدني ، فضلا عن أثار أتهامه بالهجر، أي الهذيان[3] - والعياذ بالله - فحدث ما لا يتوقعون .
 إذ قام النبي صلى الله عليه وآله وخرج إلى المسجد ليعلنَ للملأ ما أراد أن يكتب لهم ، ويوصيهم به؟ وقلبه يتفطر ألماً.. أَيُتهم بالهجر وهو سيد الأنبياء والمرسلين؟!. أم يُرد عليه بهذه القسوة وهو خير خلق الله أجمعين؟!!
فكم من حسرة.. وحسرة قذفتها أنفاسه.. وكم من آه وآه أخرجتها زفراته.

وجبرائيل يناديه:

{فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [سورة فاطر الآية :8].

وخطواته إلى المسجد قد ثقل عليه حملها ... فبدا يمشي منكسرا ... وقد أتكئ على أخيه علي بن أبي طالب عليه السلام  ، فهو الحاضر الشاهد لما حدث ، قائلاً  :
(خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الناس يوم الخميس، وقد شدَّ رأسه بعصابة.. فرقى المنبر، وجلس عليه.. مصفر الوجه.. تدمع عيناه.
ثم دعا بلالاً ، فأمر أن ينادي بالناس:
«أن اجتمعوا لوصية رسول الله صلى الله عليه وآله ، فإنها آخر وصية لكم».
فنادى بلال - بذلك - فاجتمع كبيرهم وصغيرهم، وتركوا أبواب بيوتهم مفتحة ، وأسواقهم على حالها، حتى غص المسجد بأهله. والنبي صلى الله عليه وآله ، يقول:
«أوسعوا لمن وراءكم».
ثم قام النبي (صلى الله عليه وآله).. يبكي ويسترجع.. فحمد الله وأثنى عليه وصلى على الأنبياء، وعلى نفسه. ثم قال:
«أيها الناس اعلموا أن نفسي نعيت إلي وحان فراقي من الدنيا، واشتقت إلى لقاء ربي، فواحسرتاه على فراق أمتي.. ماذا يلقون بعدي»؟!
ثم مما أوصى به صلى الله عليه وآله ، أنه قال:
«أيها الناس عليكم بحب أهل بيتي»   .[4]
فكانت هذه الثالثة التي نسيها البخاري ، أو عبد الله بن عباس حين قال لهم النبي صلى الله عليه وآله :
«أخرجوا المشركين من جزيرة  العرب، وأجيزوا الوفد بما كنت أجيزه»[5].
فإن كانوا قد أبوا أن يسمعوها في حجرته، فقد أسمعها النبي (صلى الله عليه وآله) للملأ من المسلمين في مسجده.  فواحسرتاه وألف حسرة عليك يا رسول الله .[6]

الهوامش:
[1] صحيح مسلم ، باب: ترك الوصية ، ج5 ص75
[2] صحيح البخاري ، باب: دعاء النبي صلى الله عليه وآله ، ج4 ص66 ؛ صحيح مسلم ، باب: ترك الوصية ، ج5 ص75
[3] لسان العرب ، ابن منظور : ج5 / ص253
[4]  آثار الترغيب والتشويق للخوارزمي: ص353 ط دار الكتب العلمية
[5] صحيح البخاري ، باب: دعاء النبي(صلى الله عليه وآله) : ج4 / ص31
[6] لمزيد من الاطلاع ، ينظر : وفاة النبي صلى الله عليه وآله وموضع قبره وروضته بين أختلاف أصحابه واستملاك أصحابه ، تأليف السيد نبيل الحسني : ص 94 – 96 ؛ إصدار العتبة الحسينية المقدسة ، ط1 مؤسسة الأعلمي لسنة 1435هـ -  2014 بتصرف وبعض الإضافة .

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2647 Seconds