الدنيا في خطب الإمام علي عليه السلام في خطبة له (عليه السلام) ومنها يقول في رسول الله صلى الله عليه وآله ((ولَقَدْ كَانَ (صلى الله عليه وآله) يَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ ويَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ ))

مقالات وبحوث

الدنيا في خطب الإمام علي عليه السلام في خطبة له (عليه السلام) ومنها يقول في رسول الله صلى الله عليه وآله ((ولَقَدْ كَانَ (صلى الله عليه وآله) يَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ ويَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ ))

579 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 22-10-2023

بقلم السيد عبد الحسين الغريفي المشهدي

الحمد لله رب العالمين، ثم الصلاة والسلام على سيّد الخلق أجمعين سيدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على اعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.

وبعد:
الدنيا في خطبة له عليه السلام: ومنها يقول في رسول الله صلى الله عليه وآله
ولَقَدْ كَانَ (صلى الله عليه وآله) يَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ، ويَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ، ويَخْصِفُ بِيَدِه نَعْلَه، ويَرْقَعُ بِيَدِه ثَوْبَه، ويَرْكَبُ الْحِمَارَ الْعَارِيَ، ويُرْدِفُ خَلْفَه، ويَكُونُ السِّتْرُ عَلَى بَابِ بَيْتِه فَتَكُونُ فِيه التَّصَاوِيرُ فَيَقُولُ: ((يَا فُلَانَةُ -لإِحْدَى أَزْوَاجِه - غَيِّبِيه عَنِّي، فَإِنِّي إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْه ذَكَرْتُ الدُّنْيَا وزَخَارِفَهَا)).
 فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِه، وأَمَاتَ ذِكْرَهَا مِنْ نَفْسِه، وأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِه، لِكَيْلَا يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً، ولَا يَعْتَقِدَهَا قَرَاراً ولَا يَرْجُوَ فِيهَا مُقَاماً فَأَخْرَجَهَا مِنَ النَّفْسِ، وأَشْخَصَهَا عَنِ الْقَلْبِ، وغَيَّبَهَا عَنِ الْبَصَر وكَذَلِكَ[1] مَنْ أَبْغَضَ شَيْئاً أَبْغَضَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْه، وأَنْ يُذْكَرَ عِنْدَه[2]

شرح الألفاظ الغريبة:
خصف النعل: خرزها؛ الحمار العاري: ما ليس عليه بردعة ولا إكاف؛ أردف خلفه: أركب معه شخصاً آخر على حمار واحد أو جمل أو فرس أو نحوها وجعله خلفه؛ الرياش: اللباس الفاخر؛ أشخصها: أبعدها[3].

الشرح:
فقوله: ((ولقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يأكل على الأرض ويجلس جلسة العبد)).
كما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إنما انا عبد آكل أكل العبيد، وأجلس جلسة العبيد[4].
وغاية ذلك هو التواضع، وكذلك غاية خصف نعله بيده، وترقيع ثوبه بيده، وركوبه للحمار العاري وإرادفه خلفه.

وأما أمره بتغييب التصاوير فمحافظة من حركة الوسواس الخناس، وكما أن الأنبياء عليهم السلام كانوا كاسرين للنفس الأمارة بالسوء وقاهرين لشياطينهم كانوا أيضاً محتاجين إلى مراعاتهم ومراقبتهم وتفقد أحوال نفوسهم في كل لحظة وطرفة فإنها كاللصوص المخادعين للنفوس المطمئنة مهما تركت وغفل عن قهرها والتحفظ منها عادت إلى طباعها.
وقوله: ((فأعرض عن الدنيا بقلبه...)) إلى قوله: ((وأن يذكر عنده)) إشارة إلى الزهد الحقيقي وهو حذف الموانع الداخلة النفسية عن النفس وما قبله من الأوصاف إشارة إلى زهد الظاهري وهو حذف الموانع الخارجية عنه.
ثم عاد إلى التذكير بالمقدمة السابقة للدليل على حقارة الدنيا وخبثها[5].)([6]).

الهوامش:
[1] في نهج البلاغة للشيخ محمد عبده: (وكذا) (وكذلك).
[2] نهج البلاغة لصبحي صالح: 228/ ضمن الخطبة رقم 160، ونهج البلاغة للمحقق الشيخ العطار: 301-302/ ضمن الخطبة رقم 160، وشرح نهج البلاغة لابن ميثم 3: 280 – 281/ ضمن الخطبة رقم 159، ونهج البلاغة للشيخ محمد عبده 1: 313 -314.
[3] شرح الألفاظ الغريبة: 632.
[4] مستدرك الوسائل 16: 228-19674.
[5] شرح نهج البلاغة لابن ميثم 3: 186/ شرح الخطبة رقم 159.
([6]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الدنيا في نهج الإمام علي عليه السلام: السيد عبد الحسين الغريفي، ط: مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ص 173-175.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2514 Seconds