سياسية التصرف في موارد الدولة المالية في نهج البلاغة 7- الرقابة الإدارية

مقالات وبحوث

سياسية التصرف في موارد الدولة المالية في نهج البلاغة 7- الرقابة الإدارية

531 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 14-11-2023

بقلم: د. جليل منصور العريَّض

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطاهرين.

أما بعد:
الرقابة الإدارية:
مهما بلغت مؤسسات الدولة من الجدية والاحكام والاخلاص، فإنها لا يمكنها الاسمرار في السير في الطريق السليم ما لم تكن تحت إشراف الخليفة[1] مباشرة، ولا يمكن للخليفة أو الحاكم أن يلم بكل التبعات الثقيلة الا بمعاونة من جهاز يمكن الاعتماد عليه في معرفة سير دواليب الدولة سيراً متوازناً وسليماً، لذلك ـ على ما نعتقد ـ استخدم على الرقابة الإدارية كمؤسسة قائمة بذاتها، يمكنه من خلال موظفيها معرفة سير الولاة واحوال الولايات، إذ يبدو من كثير مما ورد في النهج من نصوص أنه، وعن طريق أولئك الرقباء، قد كشف كثيراً من ألاعيب الولاة واختلاساتهم[2]وقد بلغ من دقة أولئك المراقبين من اطلاعه حتى على فحوى الرسائل الخاصة التي كانت تصل إلى بعض عماله من اعدائه ومناوئيه[3]. ويبدو أن جهاز المراقبة، عند علي عليه السلام، لا يقتصر على مراقب واحد لكل إقليم أو مؤسسة، لأن في ذلك ـ على ما نعتقد ـ اجحافاً بحق الوالي أو المسؤول، مما يجعل الحكم في حقه جائراً، فكان تعدد المراقبين[4] من أجل تفادي ذلك، كما أننا نفهم من سياق النصوص أن علياً عليه السلام قد اعتمد في اختياره للمراقبين الإداريين عدم معرفة بعضهم البعض[5]، حتى يتجنب الاتفاق فيما بينهم على باطل، وقد اشترط مسبقاً أن يكونوا من «أهل الصدق والوفاء»[6]، حتى إذا اجتمع رأيهم عند ولي الأمر على اتهام مسؤول بالتقصير أو الخيانة فإنه «يكتفي بذلك شاهداً»[7] لمعاقبة الجاني بما يستحق، وبذلك ضمن لنا علي عليه السلام ـ كما يتهيأ لنا ـ سياسة عادلة هدفها سعادة الإنسان، وبث الطمأنينة في نفسه ووضعه في المكانة المناسبة لإنسانيته، له من الحقوق مثل ما عليه من الواجبات)[8].

الهوامش:
[1] راجع السابق فقرة 27.
[2] راجع على سبيل المثال: رسائل3، 20، 40، 41، 43.
[3] راجع رسائل 44.
[4] راجع رسائل 53، فقرة 24.
[5] المصدر السابق نفسه.
[6] المصدر السابق نفسه.
[7] المصدر السابق نفسه.
[8] لمزيد من الاطلاع ينظر: فكر الإمام علي عليه السلام كما يبدو في نهج البلاغة: للدكتور خليل منصور العريّض، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 355-356.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2537 Seconds