من ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة الدلالة على ركوب أعجاز الإبل دلالة على الذّلّة والمهانة قوله عليه السلام: ((لَنَا حَقٌّ فَأنْ أُعْطِينَاهُ وَإِلاَّ رَكِبْنَا أَعْجَازَ الإبل وَأنْ طَالَ السُّرَى))

مقالات وبحوث

من ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة الدلالة على ركوب أعجاز الإبل دلالة على الذّلّة والمهانة قوله عليه السلام: ((لَنَا حَقٌّ فَأنْ أُعْطِينَاهُ وَإِلاَّ رَكِبْنَا أَعْجَازَ الإبل وَأنْ طَالَ السُّرَى))

185 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 22-04-2024

بقلم: د. حسام عدنان الياسري.

الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، مانع كل غنيمة وفضل، وكاشف عظيمة وأزل، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الاطهار.

وبعد:

ذلك قوله (عليه السلام) في سياق كلامه عن حقّه الذي أُخِذَ منهم. يقول أمير المؤمنين: ((لَنَا حَقٌّ، فَأنْ أُعْطِينَاهُ، وَإِلاَّ رَكِبْنَا أَعْجَازَ الإبل، وَأنْ طَالَ السُّرَى[1]))[2]. وحقوقهم المسلوبَةُ منهم كثيرة، ولَعَلّه يوميء هنا إلى حَقِّهم في الإمامة [3]. وذلك إذا كان هذا الكلام قد صدر منه يوم السقيفة[4]. فَأمّا إذا كان هذا قَد تكلم به يوم الشُّورَى، كما يُذكر، فيكون الحَق الذي يذكره الإمام هو حقه في الخلافَة[5]. فاختلاف المناسبة والمقام يفسّر مفردات النص، فإنَّه لمّا انتهت إليه أنباء السّقِيفَة[6]. بعد وفاة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ((ما قالت الانصار؟ قالوا: قالت: منا أمير ومنكم أمير. قال (عليه السلام): فَهَلاَّ احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ: بِأَنَّ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وَصَّى بِأنْ يُحْسَنَ إِلَى مُحْسِنِهمْ، وَيُتَجَاوزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ؟ قالوا: وما في هذا من الحجّة عليهم؟ فقال (عليه السلام): لَوْ كَانَتِ الامارة فِيهمْ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ. ثم قال: فَمَاذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ؟ قالوا: احتجت بأَنها شجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). فقال (عليه السلام): احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ، وَأَضَاعُوا الَّثمَرَةَ.)) [7]. فَتراه يحتج في حادثة السقيفة (بالإمامة). ويكني نفسه وعن أهل بيته بـ (الثَّمَرةِ). وهذا يعني أنه يجعل من الإمامة منصباً أعلى وأرفع من الخلافة؛ التي أكره عليها الإمام بعدما مُنِع حَقّه، فبويع بالخلافة بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفّان. ولهذا أشار السيد عبد الزهراء الخطيب[8] إلى أنّ قَولَه: ((لَنَا حقٌ...)) جزء من كلامه الذي تكلّم به لمّا عزموا على بيعة الخليفة عثمان[9]، وهو قوله (عليه السلام): ((لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّي أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِي، وَوَاللهِ لاَسْلِمَنَّ مَاسَلِمَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِا جَوْرٌ إِلاَّ عَلَيَّ خَاصَّةً...)) [10]. وهذه المقدمة تفيد في الإبانة عن مناسبة النص التي لم يذكر الشريف الرضي شيئاً عنها، مكتفياً بشرحها))([11]).

الهوامش:
[1] السُّرى السَّيْرُ عامّة الليل. ينظر: تاج العروس(سري): 38/261.
[2] نهج البلاغة: قصا /22: 602. 
[3] ينظر الديباج الوضي: 6/2738.
[4] ينظر: شرح نهج البلاغة (ابن أبي الحديد): 18/107.
[5] نفسه.
[6] هي سَقِيْفَةُ بني ساعدة التي اجتمع عندها المهاجرون والأنصار بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لاختيار من خليفة وكان الإمام (عليه السلام) ومعه جماعة من المسلمين قد اعتزلوا هذا الاجتماع، ومنهم الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله. ينظر: السيرة النبوية (ابن هشام): 6/77..
[7] نهج البلاغة: خ/67: 105، 106.
[8] قال السيد عبد الزهراء الخطيب إنّ ((هذهِ الكلمة وما رواه الرضي في الخطبة (72) كلام واحد، وأنهّ (عليه السلام) قاله يوم الشورى)). مصادر نهج البلاغة وأسانيده: 4/23. وقد قصد السيد عبد الزهراء بخطبة (72) ما قاله الإمام لما عزموا على بيعة الخليفة عثمان، وهي خ (74).
[9] ينظر: مصادر نهج البلاغة وأسانيده: 4/23.
[10] نهج البلاغة: خ/74: 113، 114. 
([11]) لمزيد من الاطلاع ينظر: ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة: للدكتور حسام عدنان رحيم الياسري، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 73-75.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.4573 Seconds