حالة المجتمع في فكر الإمام علي (عليه السلام) 3- تقهقر المثل وانقلاب أوضاعها

مقالات وبحوث

حالة المجتمع في فكر الإمام علي (عليه السلام) 3- تقهقر المثل وانقلاب أوضاعها

698 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 15-05-2024

بقلم: د. جليل منصور العريَّض

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطاهرين.

أما بعد:
إن التراجع في مثل المجتمع وتحويرها لتلائم فئة معينة، ما هي في الحقيقة الا نتيجة حتمية لشيوع الفوضى وانعدام روح التعاون في بنيته، لأن غلبة الذاتية تجعل كل فرد ينظر إلى القيم الاجتماعية من الزاوية التي تتمشى ومصلحته، فإذا تعذر عليه الوصول إلى غايته، وحالت النظم الاجتماعية بينه وبين تحقيق رغباته، فإنه يلجأ إلى لي تلك النظم وتمويه الحقيقة([1]) بما يكسب أفعاله الشرعية، على الأقل من الوجهة الخارجية، بإلباس الحق ثوباً شفافاً من الباطل، والمزج بين القيم الإنسانية والأفعال اللاإنسانية، فيلتبس الأمر على عامة الناس من الجهال فينقلب الحق باطلاً، والباطل حقاً، وقد عانت حكومة علي عليه السلام من استفحال هذه الظاهرة في المجتمع الإسلامي، فعبر عنها بقوله «انا قد اصبحنا في دهر عنود، وزمن كنود، يعد فيه المحسن مسيئاً، ويزداد فيه الظالم عتوا، لا ننتفع بما علمنا، ولا نسأل عما جهلنا، ولا نتخوف من قارعة حتى تحل بنا»([2]) فالانقياد الأعمى والإصرار على الجهل، ما هو إلا قلب لموازين القيم، وعدم تدبر العواقب والحساب لها، فإذا ما وقعت فجأة، قام الناس وقعدوا في محاولة منهم لمصانعتها والاحتيال عليها، هروباً من حلها حلاً جذرياً يلزم كل فرد بنظام معين أساسه التعاون والصدق ووضع الحق في نصابه، مما لا يتلاءم والمصالح الفريدة التي لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل التفكك الاجتماعي للنفاق فيه مكان الصدارة فنتهزع القيم وتضيع الحقوق.)([3]).

الهوامش:
([1]) راجع ـ خطب 41.
([2]) خطب 32 الفقرة الأولى، والعنود: الجائر، والكنود: الكفور، القارعة: الـخَطب والمصيبة.
([3]) لمزيد من الاطلاع ينظر: فكر الإمام علي عليه السلام كما يبدو في نهج البلاغة: للدكتور جليل منصور العريّض، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 401-402.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2108 Seconds