من ألفاظ الأرض وتضاريسها وما يتعلق بها في نهج البلاغة: الرَّابية

مقالات وبحوث

من ألفاظ الأرض وتضاريسها وما يتعلق بها في نهج البلاغة: الرَّابية

210 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 09-09-2024

بقلم: الدكتور سحر ناجي المشهدي

الحمد لله الأول قبل الإنشاء، والآخر بعد فناء الأشياء، أحمده استتمامًا لنعمته، واستعصاماً من معصيته، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على من اصطفى من الخلق أجمعين سيدنا ونبينا محمد وآل الطاهرين..

اما بعد:
جاء هذا اللفظ مرتين في النَّهْج، ليدل على معنى حقيقي، مرةً على زنة (فَعْلَة) وهي رَبْوَة، إذ قال الإمام (عليه السلام): «وَلاَ يُضْرَبُ لَهُ أَمَدٌ» بِحَتَّى»، الظَّاهِرُ لاَ يُقالُ: «مِمَّ»؟ وَالْبَاطِنُ لاَ يُقَالُ: «فِيمَ»؟، لاَ شَبَحٌ فَيُتَقَصَّى، وَلاَ مَحْجُوبٌ فَيُحْوَى، لَمْ يَقْرُبْ مِنَ الاْشْيَاءِ بِالْتِصَاق، وَلَمْ يَبْعُدْ عَنْهَا بِافْتِرَاق، وَلاَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ عِبَادِهِ شُخُوصُ لَحْظَة، وَلاَ كُرُورُ لَفْظَة، وَلاَ ازْدِلاَفُ رَبْوَة»([1])، وازدلاف الرَّبوة: تقدمها وأراد الرَبوة المتقدمة: أي في النظر والبادية عند مدِّ العين فإنَّ الرُبَى أولُّ ما يقع في العين من الأرض([2]).
 وجاءت مجموعة على زنة (فواعل) وهي صيغة منتهى الجموع وذلك في قوله عليه السلام: رَوَابِـيهَا: «ثُمَّ لَمْ يَدَعْ جُرُزَ الأرض الَّتي تَقْصُرُ مِيَاهُ الْعُيُونِ عَنْ رَوَابِيهَا، وَلاَ تَجِدُ جَدَاوِلُ الاْنْهَارِ ذَرِيعَةً إِلى بُلُوغِهَا»([3]).
 ورَبا المالُ يربو في الرِّبا، أي: يزداد، وصاحبه: مُربٍ. والرِّبا في كتاب الله (عزَّ وجلَّ) حرام([4]).
قال ذو الرُّمَة:([5]) 

 بأوًل ما هاجت لك الشـًوْق دِمـْنةٌ              بأجْـرَعَ مـِـقـْـفارِ مـَرَبٍ مُحَــــــــــلـًلِ. 

قال ابن فارس: «الرَّاء والباء والحرف المعتل وكذلك المهموز منه يدل على أصل واحد، وهو الزِيادة والنَّـماء والعُلُو. تقول من ذلك: ربا الشًيء يربُو، إذا زاد. ورَبا الرًابية يَربوها، إذا علاها... والرِّبوة بمعنى الرًبْوة ايضاً. ويقال رَبًيتُهُ وتربًيتُه، إذا غذَوته.  وهذا مما يكون على معنيين: أحدهما من الذي ذكرناه، لأنه إذا رُبٍى نما وزكا وزاد. والمعنى الاخر من ربًيته من التًربيب» ([6]). ومنه قوله تعالى {وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} ([7])، قال الفراء: «لِيرْبُو قرأها عاصم والاعمش ويحيى بن وثاب بالياء ونصب الواو.  وقرأها أهل الحجاز (لِتَرْبُوَ) أنتم. وكل صواب ومن قرأ (ليَرْبوَ) كان الفعل للرِّبا. ومن قال (لتُرْبُوا) فالفعل للقوم الذين خُوطِبوا.  دلَ على نصبه سقوط النون ومعناه يقول: وما أعطيتم من شيء لتأخذوا أكثر منه فليس ذلك بزاك عند الله (وما اتيتم من زكاة تريدون) بها (وجه الله) فتلك تربو للتضعيف» ([8]))([9]).

الهوامش:
([1]) نهج البلاغة: خ 63، 65.
([2]) ظ: شرح نهج البلاغة: البحراني: 3 / 279.
([3]) نهج البلاغة: خ 91، 90.
([4]) ظ: العين (مادة ربو): 8 / 283.
([5]) ظ: ديوانه: 3 / 1453.
([6]) مقاييس اللغة: 2 / 483.
([7]) الروم / 39.
([8]) معاني القرآن: الفراء: 2 / 325 وظ: لسان العرب (مادة سهل): 3 / 1572.
([9]) لمزيد من الاطلاع ينظر: المعجم الاقتصادي في نهج البلاغة، للدكتورة سحر ناجي المشهدي، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 235-236.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2497 Seconds