مباحث أخلاقية وتنموية في عهد مالك الأشتر (رحمه الله). الحلقة الثالثة عشر: دلالة أمره (عليه السلام) مالك الأشتر «بملِك سطوة يده» وأثره في تنمية الذات والقيادة.

مقالات وبحوث

مباحث أخلاقية وتنموية في عهد مالك الأشتر (رحمه الله). الحلقة الثالثة عشر: دلالة أمره (عليه السلام) مالك الأشتر «بملِك سطوة يده» وأثره في تنمية الذات والقيادة.

777 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 17-10-2024

بقلم: السيد نبيل الحسني.

في الرذيلة الثالثة من مظاهر سوء الخلق التي عالجها النص الشريف والتي أمر أمير المؤمنين (عليه السلام) مالك الاشتر بالتحكم بها وملكها هي سطوة اليد، وذلك في قوله: «امْلِكْ حَمِيَّةَ أَنْفِكَ، وسَوْرَةَ حَدِّكَ، وسَطْوَةَ يَدِكَ»، ومعنى السطوة مأخوذ من السَّطْوُ، وهو: القهر بالبطش.
وقيل: السَّطْوةُ: شِدَّةُ البَطْش، وإنما سُمِّي الفرَس ساطِياً لأَنه يَسْطو على سائِر الخيل ويقوم على رجليه ويسْطُو بيديه.
ويقال: اتَّقِ سَطْوَتَه، أَي أَخْذَتَه[1].
والمعنى المستفاد من المعنى اللغوي والأمر في قوله (عليه السلام): أن يملك الإنسان فورة غضبه فلا يبادر إلى البطش والقهر بالذين من حوله ولاسيما إذا كان ذو مكنة من القهر كالسلطان وذوي المناصب الإدارية والسلطوية والقيادية أو ممن يتمتع بقوة جسدية تمكنه من البطش بأخيه الإنسان، ومما لا ريب فيه أن جميع هذه الموارد الثلاثة هي في موارد الذم والرذيلة حينما تخرج عن السيطرة.
لكنها تتحول إلى فضيلة في موارد التحكم بها والسيطرة عليها فلا يصرفها الإنسان إلا في موارد الحق كحمية الأنف التي تكون في نصرة الدين وهو ما دلت عليه النصوص الشريفة ومثاله في إسلام حمزة بن المطلب (عليه السلام) وكذا سَوْرَة الحد في الدفاع عن المقدسات والعرض والمال، وكذا في سطوة اليد التي أشارت إليها النصوص في الدفاع عن الدين في قوله تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} أو في التكسب على العيال والاجتهاد في الأكل والإنفاق من عمل اليد أو في موارد الدفاع بجارحة اللسان وقول كلمة الحق والأمر بالمعروف وغيرها، وكل ذلك لا يمكن استحصاله ما لم يملك الإنسان هذه الجوارح الأربعة التي أمر بها أمير المؤمنين عليه السلام في عهده لمالك الاشتر(رحمه الله).
ومن ثمّ كي يتمكن الإنسان من تنمية ذاته وتطوير قدراته النفسية فلا بد له من النية الصادقة والعزم الجاد والإرادة الحقيقة والنقية من الأوهام وخداع النفس وتنميتها بملك سطوت يده ليكون طيّب العشرة وسهل المعاملة ومتقن للقيادة وإدارة الأمور [2].

الهوامش:
[1] لسان العرب، ابن منظور: ج14 ص 384
[2] لمزيد من الاطلاع ، ينظر : فقه صناعة الإنسان ، الأوامر والنواهي في عهد الإمام علي(عليه السلام) لمالك الاشتر(رحمه الله) ، دراسة في ضوء أصول الفقه والأخلاق ، السيد نبيل الحسني ، ص171-172 / مع بعض الإضافة، إصدار: مؤسسة علوم نهج البلاغة - العتبة الحسينية المقدسة ، ط 1 -  دار الوارث كربلاء المقدسة 2023م .

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2552 Seconds