إشارات ريادية للإمام علي (عليه السلام) في الفيزياء/ الحلقة (2): إشاراته حول الرؤية والألوان

مقالات وبحوث

إشارات ريادية للإمام علي (عليه السلام) في الفيزياء/ الحلقة (2): إشاراته حول الرؤية والألوان

275 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 27-04-2025

بقلم: أ.د علي خلف حسن السنيد

الحَمْدُ للهِ عَلى ما أنْعَمَ، وَلَهُ الشُكْرُ عَلى ما ألْهَمَ، والثَناءُ بِما قَدَّمَ، مِنْ عُمُومِ نِعَمٍ ابْتَدَأها، وَسُبُوغُ آلاءٍ أسْداها، وَتَمامٍ مِنَنٍ والاها، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين.

أما بعد:

قال الإمام علي (عليه السلام): «وَكُلُّ بَصِير غَيْرَهُ يَعْمَى عَنْ خَفِيِّ الاْلْوَانِ وَلَطِيفِ الاْجْسَامِ»[1]

إن الرؤية لدى الإنسان وسائر الكائنات تحصل بواسطة العين التي تتشكل من عدة أجزاء لكل جزء وظيفته الخاصة به وبجميع وظائف هذه الأجزاء تستطيع العين رؤية الأشياء. فلا تتحقق الرؤية إلا بعد وجود الهواء والضوء بين الرائي والمرئي، فإذا فقد الهواء فان العين لا ترى ذلك الجسم لعدم وجود الهواء المتخلل بين العين والجسم، ما لو قرب الجسم من العين إلى حد الالتصاق، وكذلك إذا فقد الضوء فقدت الرؤية لأنَ الأشياء لا ترى في الظلام، لذلك فكل بصير لا يرى الألوان الخفية بسبب الظلام. كذلك هناك أنواع من الأشعة التي تتعذر على العين رؤيتها.

يرى الإنسان ألوان الطيف المرئي السبعة، الأحمر – البرتقالي – الأصفر – الأخضر -  الأخضر المزرق – الأزرق – البنفسجي، والتي تنحصر أطوالها الموجية بين 700  نانو متر و 400 نانو متر،  أما تردداتها فتنحصر بين 430 ذبذبة في الثانية و 670 ذبذبة في الثانية.  أما بالنسبة للحيوانات فالكثير منها لا ترى الألوان بل ترى الصورة سوداء بيضاء فقط. أما الأضواء التي تقع أطوالها الموجية خارج المجال المحدد أعلاه فلا يراها الإنسان ومنها الأشعة فوق البنفسجية Ultra Violet   التي طول موجتها 10 - 400 نانو متر وترددها من ذبذبة في الثانية، والأشعة تحت الحمراء Infrared، الذي طول موجتها 700 - 2500 نانو متر وترددها من ذبذبة في الثانية[2] . وهذا قصد أمير المؤمنين ((عليه السلام) من قوله خفي الألوان ولطيف الأجسام.

فقابلية الإنسان في الإبصار محدودة، لذلك يستعان بالآلات، كالمجهر كي يرى الدقيق من الأشياء، كالمكروبات والجراثيم التي يجب أن تكبر مرات عديدة لكي ترى، أو يستعان بالتلسكوب لرؤية ما خلق الله سبحانه وتعالى في مسافات شاسعة جدا كالكواكب والنجوم وغيرها. وما دامت قابلية العين محدودة، فهناك أشياء لا ترى بالعين ولعدم وجود الآلات في وقتها كان الإنسان (المادي) ينكرها، ثم أعترف بها بعد اكتشاف آلة ساعدت في رؤيتها. فاليوم هناك الكثير من الأشياء لا ترى حتى بأدق الآلات ولكنها مستقبلا سوف ترى عندما تكتشف الآلات بدقة أكبر. بالتالي فالموجودات تنقسم إلى منظورة وغير منظورة. فالمنظورة هي كل ما يراه الإنسان بعينه أو بالآلات، أما غير المنظورة ففي الأشياء الموجودة بحكم العقل، لكن لا يمكن رؤيتها لا بالعين ولا بالآلات. على سبيل المثال، توجد أشعة لا ترى بالعين ولا بالآلات، أشعة غير منظورة. بمعنى هناك أشعة مرئية وغير مرئية ومنها الأشعة السينية، أشعة كاما، الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء، كما ذكرنا، وقد أستخدم الإنسان كثير من أنواع هذه الأشعة في الغذاء والدواء والكشف عن الأمراض[3].

أما الله سبحانه وتعالى فهو يرى كل جسم وكل لون مهما كان نوعـه أو طاقتـه، فـلا يخفـى عليه شيء وهو محيط بجميع الأشياء، وهذا ما قاله القرآن الكريم «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ»[4].)([5])

الهوامش:
[1] نهج البلاغة – خطبة 64، ص115.
[2] مجلة النبأ – العدد 63 – 2001  و  تصنيف نهج البلاغة ص782.
[3] التكامل في الإسلام، ص502-504..
[4] سورة الشورى - الآية 11.
([5]) لمزيد من الاطلاع ينظر: إشارات ريادية للإمام علي (عليه السلام) في الفيزياء والرياضيات  / تأليف: الأستاذ الدكتور علي خلف حسن السنيد، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 58-60.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2789 Seconds