مباحث أخلاقية وتنموية في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر (رحمه الله). الحلقة (28): دلالة النهي عن العجلة في الأمور وأثره في اتخاذ القرار.

مقالات وبحوث

مباحث أخلاقية وتنموية في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر (رحمه الله). الحلقة (28): دلالة النهي عن العجلة في الأمور وأثره في اتخاذ القرار.

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 31-07-2025

بقلم: السيد نبيل الحسني.

مما ورد في العهد الشريف لمالك الاشتر، قوله (عليه الصلاة والسلام):

«وإِيَّاكَ والْعَجَلَةَ بِالأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا، أَوِ التَّسَقُّطَ فِيهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا، أَوِ اللَّجَاجَةَ فِيهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ، أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ، فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَه وأَوْقِعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْقِعَه».

يشتمل النص الشريف على جملة من النواهي المرتبطة بنظم الأمور للإنسان، وذلك لما تشكله من عنصر أساس في بناء المنظومة الحياتية واحكام مفاصلها وتجنب عثراتها، ولذا يشدد أمير المؤمنين (عليه السلام) على هذه النواهي، ويحذّر من الوقوع فيها أو اعتمادها في المسيرة الحياتية، فكانت هذه النواهي على النحو الآتي:

1ـ النهي عن العجلة بالأمور قبل أوانها.

قال عليه الصلاة والسلام:
«وإِيَّاكَ والْعَجَلَةَ بِالأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا».
يرتكز النهي الأول وما يليه من النواهي الأخرى على محاربة العجلة والتخلص منها، وذلك لبيان أثارها السلبية على الإنسان، ومن ثم يلزم بنا الرجوع إلى رأي علماء الأخلاق لمعرفة منشأ هذه الرذيلة وارتكازها على أحد القوى النفسية.
ويُرْجِعُ علماء الاخلاق العجلة إلى ضعف النفس وصغرها وهو من رذائل القوة الغضبية، وذلك أنها: (المعنى الراتب في القلب، الباعث على الإقدام على الأمور بأول خاطر، من دون توقف واستبطاء في أتباعها والعمل بها)[1].
ولقد وردت في ذم العجلة كثير من النصوص الشريفة وذلك لما يعقبها من نتائج سلبية على الأعمال سواء الشخصية أو الاجتماعية، فمنها:
عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنما أهلك الناس العجلة ولو أن الناس تثبتوا لم يهلك أحد»[2].

«والسر في شدّة ذمها: أن الأعمال ينبغي أن تكون بعد المعرفة والبصيرة، وهما موقوفان على التأمل والمهلة، والعجلة تمنع من ذلك، فمن يستعجل في أمر يلقي الشيطان شره عليه من حيث لا يدري. والتجربة شاهدة بأن كل أمر يصدر على العجلة يوجب الندامة والخسران، وكل ما يصدر على التأني والتثبت لا تعرض بعده ندامة، بل يكون مرضيا، وبأن كل خفيف عجول ساقط عن العيون ولا وقع له عند القلوب»[3].
فكيف إذا كانت العجلة في الأمور ولا سيما لمن كان في مواقع المسؤولية والقيادة والإدارة، بل وشؤون الأسرة والعمل قبل أن تنضج وتتضح حيثياتها فيسرع الإنسان فيها دون تأمل وروية وتأني فيها؟ فمما لا شك فيه أنه سيجني فساد أموره وخرابها بل وضياعها، ولأجل ذلك حذّر أمير المؤمنين عليه السلام مالك الاشتر من:
«إياك والْعَجَلَةَ بِالأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا»[4].

الهوامش:
[1] جامع السعادات، النراقي: ج1 ص246.
[2] المحاسن، البرقي: ج1 ص215
[3] جامع السعادات، النراقي: ج1 ص246.
[4] لمزيد من الاطلاع ، ينظر : فقه صناعة الإنسان ، الأوامر والنواهي في عهد الإمام علي(عليه السلام) لمالك الاشتر (رحمه الله) ، دراسة في ضوء أصول الفقه والأخلاق ، السيد نبيل الحسني، ص257- 259/ مع بعض الإضافة، إصدار: مؤسسة علوم نهج البلاغة - العتبة الحسينية المقدسة ، ط 1 -  دار الوارث كربلاء المقدسة 2023م

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.1037 Seconds