قبسات من أحاديث أمير المؤمنين (عليه السلام) في الصيام

مقالات وبحوث

قبسات من أحاديث أمير المؤمنين (عليه السلام) في الصيام

5K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 17-05-2018

قبسات من أحاديث أمير المؤمنين (عليه السلام) في الصيام

 

الباحث: علي عباس فاضل.

 

الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، والصلاة والسلام على النبي المؤيد والرسول المسدد أبي القاسم محمد وآله الركع السُجَّد، وبعد:

 

يحل علينا في كل عام شهر خصه الله بأن جعله الشهر الذي أنزلت به خير الرسالات وخاتمتها، فلهذا الشهر العظيم منزلة كبيرة عند الله تعالى، وقد فرض الله فيه الصيام على عباده، هذه الفريضة التي فيها ترويض للنفس عبر امتناعها عن ملذات الدنيا صبرا واحتسابا عند الله عزّ وجل، قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[1].

 

فالآية الكريمة تدل على أن هذا الشهر الفضيل نزل فيه القرآن الكريم الذي هو هدى للناس، فالصيام هو الشكر لله تعالى على هذه الهداية التي مَنَّ بها على عباده.

 

والصيام عمل لله تعالى وهو الذي يجزي عليه، جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: (قال الله تعالى الصوم لي و أنا أجزى به)[2]، فالله سبحانه وتعالى جعل جزاء الصيام بيده؛ لأن الصيام له، وأي جزاء هذا الذي يناله العبد من الله تعالى، الذي ليس لجزائه حد، وقد خصص الله سبحانه بابا من أبواب جنته الواسعة يدخل منه الصائمون، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن للجنة بابا يدعى الريان لا يدخل منه الا الصائمون)[3]. وسمي هذا الباب (الريان) لأن الصائم يجهده العطش أكثر مما يجهده الجوع، فإذا دخل الصائم من هذا الباب يلقاه الري الذي لا يعطش بعده أبدا[4].

 

وجاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة فيما يكون للمؤمن في الصيام وأثره في تهذيب النفس البشرية مرتبطا مع الصلاة والزكاة، قوله (عليه السلام): (وَعَنْ ذلِكَ مَا حَرَسَ اللهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَوَاتِ وَالزَّكَوَاتِ، وَمُجَاهَدَةِ الصِّيَامِ فِي الأيَّامِ الْمَفْرُوضَاتِ، تسْكِيناً لأطْرَافِهِمْ، وَتَخْشِيعاً لأبْصَارِهمْ، وَتَذْلِيلاً لِنُفُوسِهِمْ، وَتَخْفِيضاً لِقُلُوبِهِمْ، وَإِذْهَاباً لِلْخُيَلاَءِ عَنْهُمْ، لِما فِي ذلِكَ مِنْ تَعْفِيرِ عِتَاقِ الْوُجُوهِ بالتُّرَابِ تَوَاضُعاً، وَالْتِصَاقِ كَرَائِمِ الْجَوَارِحِ بِالأرْضِ تَصَاغُراً، وَلُحُوقِ الْبُطُونِ بِالمُتونِ مِنَ الصِّيَامِ تَذَلُّلاً، مَعَ مَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ الاَْرْضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَالْفَقْرِ)[5].

 

وللصائم أجر عظيم فكل ما يقوم به من اعمال في صيامه هي عبادة، وكلها متقبلة؛ لأنها تكون خالصة لله سبحانه مع الصيام الذي هو له تعالى فيكون ذلك الأجر مضاعفا، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: (نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبل، ودعاؤه مستجاب)[6].

 

ومن خلال ما سبق من آيات كريمة وأحاديث شريفة نجد أهمية الصيام كصفة من صفات المؤمن المتقي لله، العامل بما أمر الله والمبتعد عمّا حرم الله سبحانه، نسأل الله العلي القدير أن يمنَّ علينا بوافر رحمته ويجعل لنا موطأ قدما في شهره المبارك لنؤدي طاعته ونكون من الفائزين بصيامه. والحمد لله رب العالمين.

الهوامش:

[1] - سورة البقرة: 185.

 

[2] - مسند أحمد: 2/ 232، وسائل الشيعة، الحر العاملي: 10/  400.

 

[3] - المقنعة، الشيخ المفيد: 305، معاني الأخبار، الشيخ الصدوق: 409.

 

[4] -  ينظر:  معاني الأخبار: 409.

 

[5] - نهج البلاغة، تحقيق: الشيخ فارس الحسون: 387.

 

[6] -  وسائل الشيعة، الحر العاملي: 10/  401.

 

المقالة السابقة المقالة التالية

Execution Time: 0.2660 Seconds