من دلالة الأفعال في الخطبة المونقة للإمام علي عليه السلام قوله: «عَجَزَ في وَصفِهِ مَن يَصِفُهُ»

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من دلالة الأفعال في الخطبة المونقة للإمام علي عليه السلام قوله: «عَجَزَ في وَصفِهِ مَن يَصِفُهُ»

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 16-10-2022

بقلم: الدكتور مصطفى كاظم شغيدل – الجامعة المستنصرية

((الحمد لله الذي صدقنا وعده هي مقالة المتقين، وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين.

وبعد:
امتازت الخطبة المونقة لأمير المؤمنين عليه السلام والتي تسمى أيضا بـ(الخطبة الخالية من الألف) بكثرة الأفعال فيها، إذ وصلت إلى (170) فعل، فضلاً عما جاء مكرراً وبصيغة مختلفة؛ وهذه الخطبة مع أنها قيلت في موضع التندر لخلوها من الألف، غير أنها لم تكن خالية من الفكر بمختلف أبعاده، وهو على النحو الآتي: «عَجَزَ في وَصفِهِ مَن يَصِفُهُ».

عَجَزَ
تدلُّ مادَّة «عَجَزَ» في اللُّغة على الضَّعف الَّذي هو نقيض القوَّة. يُقال: عَجَزَ يَعْجِزُ فَهُوَ عاجِز ضعيف، وأَعْجَزَني فُلانٌ إِذا عَجَزْتُ عَنْ طَلَبِهِ وإِدراكه[1]. والعجز خلاف الحزم، وفُلانٌ عَاجَزَ فُلاناً، إِذَا ذَهَبَ فَلَمْ يستطع الوصول إِلَيْهِ[2]. وقال الرَّاغب: «... والعَجْزُ أَصلُهُ التَّأَخُّرُ عن الشَّيء، وحصوله عند عَجزِ الأَمرِ، أَيْ: مؤخــّره... وصار في التَّعارف اسماً للقصور عن فعل الشَّيء، وهو ضدّ القدرة»[3].
وجاء هذا الفعل «عجز» في الخطبة مرَّةً واحدةً للدَّلالة على معناه اللُّغوي، أَورده أَميرُ المؤمنين (عليه السلام) في مقام تمجيد الله ــ تبارك وتعالى ــ، بإضافة العجز إلى كُلِّ مَنْ يُريد بيان هيئته، وجاء فيها فعلاً ماضياً مجرَّداً، مبنيّاً على الفتح، إذ قال (عليه السلام): «عَجَزَ فِي وَصْفِهِ مَنْ يَصِفُهُ»، و«في وصفه» جارٌّ ومجرور، والجارُّ والمجرور متعلِّقان بالفعل (عجز)، و«مَن» اسم موصول مبنيٌّ في محلِّ رفع فاعل للفعل «عَجَزَ».

 يَصِفُهُ
الوصف: وصفُك الشَّيء بحليته ونعته. وقال ابن فارس: «الواو والصَّاد والفاء: أَصل واحد، هو تحلية الشَّيء. ووَصَفْتُهُ أَصِفُهُ وَصْفاً. والصِّفة: الأَمارة اللَّازمة للشَّيء... يُقال: اتــَّصف الشَّيء في عين النَّاظر: احتمل أَنْ يوصف»[4]. ووَصَفْتُهُ وَصْفاً من باب وَعَدَ نعتُّـه بما فيه، ويقال هو مأْخوذ من قولهم: وَصَفَ الثــَّوْبُ الجِسْمَ، إذا أَظهر وبيَّن هيئته، ويقال الصِّفة إنــَّما هي بالحال المنتقِّلة، والنَّعت بما كان في خَلْقٍ أَو خُلُقٍ مثل العدة من الوعد، والجمع صفات[5])»[6].

الهوامش:
[1]. ينظر: العين: 1/48.
[2]. ينظر: معجم مقاييس اللغة: 4/232.
[3]. مفردات ألفاظ القرآن: 547. وينظر: تهذيب اللغة: 1/100، والصحاح في اللغة: 1/447، والمحيط في اللغة: 1/34، ولسان العرب: 5/369، والمصباح المنير: 6/48، وتاج العروس: 1/3748.
[4]. ينظر: العين: 2/54، والمحيط في اللغة: 2/235، والصحاح في اللغة: 2/281.
[5]. ينظر: المصباح المنير: 1/364. وينظر: مفردات ألفاظ القرآن: 873، والعباب الزاخر: 2/32، ولسان العرب: 5/356، وتاج العروس 1/6161.
[6] لمزيد من الاطلاع ينظر: الأفعال في الخطبة المونقة للإمام علي عليه السلام بين الدلالة المعجمية والاستعمال الوظيفي: للدكتور مصطفى كاظم شغيدل، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 100 – 101.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2929 Seconds