من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث قال عليه السلام: ((من نكث بيعَته لَقِي الله يَوْم الْقِيَامَة أَجْذم لَيست لَهُ يَد))

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث قال عليه السلام: ((من نكث بيعَته لَقِي الله يَوْم الْقِيَامَة أَجْذم لَيست لَهُ يَد))

850 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 16-04-2024

بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر

الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أما بعد:

الجذم
 قال الإمام علي (عليه السلام): ((من نكث بيعَته لَقِي الله يَوْم الْقِيَامَة أَجْذم لَيست لَهُ يَد))[1]. مفردة (أَجْذم): التي عدّها اصحاب الغريب من الغريب من اصل(جذم). قال ابن فارس: (الْجِيم وَالذَّال وَالْمِيم أَصْل وَاحِد، وَهُوَ الْقَطعُ. يُقَالُ جَذَمْتُ الشَّيْءَ جَذْمًا. وَالْجِذْمَة الْقِطْعَة مِنَ الْحَبْلِ وَغَيْرِهِ. وَالْجُذَامُ سُمِّيَ لِتَقَطُّعِ الْأَصَابِعِ. وَالْأَجْذَمُ: الْمَقْطُوعُ الْيَدِ. وَفِي الْحَدِيثِ: ((مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللهَ تَعَالَى وَهُوَ أَجْذَمُ))[2].
قوله (عليه السلام) (لَقِي الله يَوْم الْقِيَامَة أَجْذم)، قال ابن سلام: ((قَوْله: أَجْذم هُوَ الْمَقْطُوع الْيَد...)) [3]. فالجذم القطع وبه سمى الأقطع أجذم يُقَالُ جذمت الشيء فا نجذم [4]، وقال الحربي: ((لَقِيَ اللهَ أَجْذَمَ: مَقْطُوعَ الْيَدِ عَنِ التَّنَاوِلِ مِنْ خَيْرِ الْآخِرَةِ شَيْئًا)) [5].
وذكر ابن الجوزي في كتابه خَمْسَة أَقْوَال أَولهَا: مَقْطُوع الْيَد، والثَّانِي أَنه الَّذِي ذهبت أَصَابِع كفيه..، والثَّالِث: المجذوم الَّذِي ذهبت أعضاؤه كلهَا..، وَالرَّابِع أَنه الْمَقْطُوع السَّبَب.. وَالْخَامِس الْمَقْطُوع الْحجَّة..[6]  والقول الخامس هو الذي يقصده الإمام (عليه السلام)، أي: لا حجة له.
وقد فصل ذلك ابن الأثير في كتابه النهاية عن قول ابن قتيبة في كتابه اصلاح غلط أبي عبيد، والرد عليه قال فيه: ((... وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ رَدًّا عَلَى ابْنِ قُتَيْبَة: لَوْ كَانَ العِقَاب لَا يَقَع إلاَّ بالجَارِحَة الَّتي باشَرَت المعْصِية لَمَا عُوقب الزَّانِي بالجَلْد والرَّجْم فِي الدُّنيا، وبالنَّار فِي الْآخِرَةِ. وقَولُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ليْسَت لَهُ يَدٌ: أَيْ لَا حُجَّة لَهُ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَقِيَه مُنْقَطِعَ السَّبَبِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: الْقُرْآنُ سَبَبٌ بِيَدِ اللهِ وَسَبَبٌ بِأَيْدِيكُمْ، فَمَنْ نَسِيَهُ فَقَدْ قَطع سَبَبَه))[7]. ويتضح من قول ابن الأثير في تَخْصِيص الإمام عَلِيٍّ بذِكْر اليَدِ مَعْنًى لَيْسَ فِي حَدِيثِ نسْيان الْقُرْآنِ، لِأَنَّ البَيْعة تُباشرُها اليَدُ مِنْ بَيْن الْأَعْضَاءِ، وهُو أَنْ يَضَع الْمُبَايِعُ يدَه فِي يَدِ الْإِمَامِ عنْد عَقْد البَيْعة وأخْذِها عَلَيْهِ [8].
ويلحظ أن قول ابن الأثير أقرب الى الصواب، فكنَى الإمام (عليه السلام) باليَدِ عمَّا تحْوِيه وتَشْتَمل عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ، كما في قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}[9]. فهذه كناية عمَّا اجترمتم من الآثام فيما بينكم وبين ربكم)([10]).

الهوامش:
[1] غريب الحديث: ابن سلام: 3/48، غريب الحديث: ابن الجوزي: 1/147، الفائق في غريب الحديث: 1/199، النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/215.
[2] بحار الأنوار: 27/72.
[3] غريب الحديث: 3/48.
[4] ينظر: غريب الحديث: الخطابي: 2/371.
[5] غريب الحديث: 2/428، وينظر: الفائق في غريب الحديث: 1/199.
[6] ينظر: غريب الحديث: 1/147.
[7] النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/251، وينظر: اصلاح غلط أبي عبيد في غريب الحديث: 79- 80، والغريبين في القرآن والحديث: 1/326-327، والفائق في غريب الحديث: 1/199.
[8] ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/251-252.
[9] سورة الشورى: 30.
 ([10]) مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، 144-145.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2302 Seconds