من أخلاق الإمام علي (عليه السلام) قوله: اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية فإنّ رواة العلم كثير ورعاته قليل

سلسلة قصار الحكم

من أخلاق الإمام علي (عليه السلام) قوله: اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية فإنّ رواة العلم كثير ورعاته قليل

8K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 16-01-2021

بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان

((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
قال أمير المؤمنين عليه السلام ((اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية فإنّ رواة العلم كثير ورعاته قليل)).
الدعوة إلى التأمل والتدبر عند نقل الأخبار وخصوصاً تلك الواردة عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وآهل بيته الكرام عليهم السلام لأن الهدف الأسمى الذي لا بدّ من السعي نحوه هو الاستفادة العملية من الأخبار لا مجرد الحفظ والترديد بل مضافً للحفظ والترديد يكون الاستيعاب والفهم ليكون الناقل واعيا لما نقله مستفيداً منه معتبراً مما فيه متوقفاً عند المحطات التي تستحق التوقف عندها والتفكر فيها ليتطبع على الخير ويتأثر به في مجاله العملي.
وأما لو اكتفى الناقل بالحفظ والترديد فيكون حاله حال الأجهزة الصوتية التي تحفظ الصوت وتكرره عند الطلب من دون استيعاب لأنها معدة أساساً لهذا الغرض التوثيقي بينما الإنسان -بما أُعدّ له من تراث إسلامي ضخم- قد هيئ له أن يكون عضواً صالحاً في المجتمع من خلال تأثيره فيمن حواليه من خلال قراءاته ومعلوماته المكتسبة التي تنفعه وتنفع غيره فيرتفع المستوى الثقافي والفكري والديني للمجتمع من خلال هذه البداية البسيطة التي تبتني على الوعي التام لما يقرأه أو يسمعه فينقله ليتعلم تدريجياً الدقة والالتزام.
ومما يساعدنا على فهم هذه الحكمة أكثر والإيمان بأهميتها وجدواها ما نعايشه في حياتنا اليومية من إخبارات الأشخاص الذين لم يتفهموا الخر بل كان نصيبهم الترديد كالببغاء أو المسجل من دون حساب للنتائج التي يمكن أن تحدث إيجابية أو سلبية.
ومن المؤكد أنّا لا نعتمد على هؤلاء بل نترك باب الاحتمال مفتوحاً فيمكن صحة الخبر كما يمكن العكس بينما لو كان التثبت والتفهم هما الأساس لكان من السهل جداً الاعتماد على إخبارات الأشخاص لأنهم قد استوعبوا ما نقلوا ووعوه وعياً صحيحاً وعندها فلا مانع.
فلا بد أن نسعى لنكون من الرعاة للعلم والحافظين لمحتواه لان بذلك يتحسن حال الناس ولا نكتفي بأن نكون من الرواة للعلم والناقلين لألفاظه لأن ذلك لا يغير كثيراً من الواقع. إذ لو كان الغرض يتم بالنقل لكان التعبير بـ(انقلوا) وليس (اعقلوا) فمن التأكيد على اعقلوا يعلم أهمية التركيز والتفهم لينشأ جيل علماء ومثقفين وأعين، فيتكامل الناس ويتحسن وضعهم لأن عدد العلماء دائماً أقل من غيرهم بينما عدد غيرهم أكثر فلا حاجة إلى تكثيرهم[1].

الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص91-92.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2222 Seconds