أخلاق الإمام علي عليه السلام قال عليه السلام: ((لا يترك الناس شيئاً من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلاّ فتح الله عليهم ما هو أضر منه))

سلسلة قصار الحكم

أخلاق الإمام علي عليه السلام قال عليه السلام: ((لا يترك الناس شيئاً من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلاّ فتح الله عليهم ما هو أضر منه))

453 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 19-10-2024

بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان

((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))

أما بعد
تحذير من التمادي في التعدي على الأوامر الشرعية والخروج عن خط الالتزام بالضوابط والأحكام اللازم اتباعها على المسلمين؛ لأن الإسلام والالتزام به كدين وعقيدة يقتضي التعهد التام بعدم الخروج وبعدم الانفلات عن القيود المفروضة وذلك كما هو الحال في سائر الأديان أو المبادئ ولو الوضعية فإنها تحدد مسار المتبعين ضمن الخطة المرسومة وإلا فيستحقون الجزاء المفروض في مثل الحالة المرتكبة.
ولابد للإنسان أن يفهم جيداً ويقتنع تماماً ويوقن يقيناً ثابتاً لا يخالطه أدنى شك بأن أمر الدين مقدم على أمر الدنيا فلا بد من إعطائه الأولوية، وعدم التفريط فيه أو التسامح في أداء ما يحتمه الالتزام الديني بل يجب أن يؤدي حق الدين كأحسن ما يكون وإلا فإنه يحكم على نفسه بالخسران لأن الجانب الديني مهم جداً ولا يمكن التساهل في تقديم غيره عليه؛ لأنه يعني عدم صدق الإيمان والعقيدة من الداخل وهذا مالا يصح من الفرد المسلم.
وهذا لا يعني إغفال الدنيا والزهد فيها بل هي مكملة للدين وفي المرتبة اللاحقة بحيث يصلح أن يكون كل منها جزء يتمم الآخر مع تقدم ذاك الجانب لأولويته المذكورة، وعندئذ فلا يصح عقلاً أن يفرط الإنسان فيما هو الأهم، والأسبق رتبه، والذي يتكفل بمعالجة قضايا يعجز عن معالجته غيره ليقدم عليه ما هو زائل، ومؤقت، لأن الدنيا بحسب النظرة العامة تمثل المحطة، وحقل التجارب، وساحة الانتظار، والموصل إلى ما هو أرجح وأنفع ومن المؤكد المعلوم لكل أحد أن هذه ظروف مؤقته لا يمكن القياس عليها.
فإذا لم يقتنع أحد بما تقدم فقدم الدنيا لعدم فهمه تقدم الدين بل قد يعتبره عائقاً أو عاملاً مساعداً على تقليص الحالة الانشراحية في الدنيا بما يجعله شيئاً عسراً في مرحلة انسيابية الدنيا والتعامل فيها فيكون جزاء هذا أن يواجه حالات من المصاعب والمشاق ما يجعله يندم على تمرده وعلى تقديم المصلحة الزائفة، إذ كان يمكنه الجمع بينهما بأن يقدم ما قدمه الله تعالى و يهتم بأمر الدين كشيء له اولويته وأهميته مع تمتعه بالدنيا وما تفتحه من عالم فسيح رحيب لا يتنافى مع خط الدين ولا تكون بينهما أية معارضة على الصعد كافة؛ لأن الله تعالى حكيم في أفعاله لم يخلق الدنيا عبثاً أو لتكون مصدر تعب و مساءلة للخلق بل ليظهروا طاعتهم ومكامن الإبداع في نفوسهم بما يلتقي مع خط التعاليم الشرعية لتعمر الأرض بالتوحيد والإيمان ولتظهر للخلق مظاهر عظمته تعالى وقدرته وعجز غيره عن الإحاطة بالأسرار الدقيقة التي جعلها في المخلوقات العجيبة الكائنة في الدنيا.
كما أنه لم يجعل التعاليم – بما تحمله من الأوامر والنواهي على اختلاف درجات تركيزها وشدة أو ضعف الإلزام بها – لتكون مصدر قلق للإنسان في الدنيا، بل لتكون مرشداً له يساير من خلالها الحياة بأبعادها كافة المتجددة يوماً فيوماً ولتكون مصدر حماية له لئلا يتعرض للعوادي ولو النفسية التي يعبر عنها بالنفس الأمارة بالسوء فتسول له ارتكاب محظور أو التسلط على مخطور مما يجعله في دائرة المحاسبة والمساءلة ([1]).

الهوامش:
([1]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص 296-298.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2884 Seconds