بقلم السيد عبد الحسين الغريفي المشهدي
الحمد لله رب العالمين، ثم الصلاة والسلام على سيّد الخلق أجمعين سيدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على اعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.
وبعد:
اللَّهُمَّ أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِكَ سَمِعَ مَقَالَتَنَا الْعَادِلَةَ غَيْرَ الْجَائِرَةِ (وَالْمُصْلِحَةَ غَيْرَ الْمُفْسِدَةِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا) فَأَبَيْ بَعْدَ سَمْعِهِ لَهَا إِلَّا النُّكُوصَ عَنْ نُصْرَتِكَ، وَالْإِبْطَاءَ عَنْ إِعْزَازِ دِينِكَ، فَإِنَّا نسْتَشْهِدُكَ عَلَيْهِ يَا أَكْبَرَ([1]) الشَّاهِدِينَ شَهَادَةً، وَنَسْتَشْهِدُ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا أَسْكَنْتَهُ أَرْضَكَ وَسَمَاوَاتِكَ، ثُمَّ أَنْتَ بَعْدُ الْمُغْنِي عَنْ نَصْرِهِ وَالْآخِذُ لَهُ بِذَنْبِهِ([2])
شرح الألفاظ الغريبة:
النكوص: الرجوع على الأعقاب([3]).
الشرح:
هذا الفصل من الخطبة كان يستنهض بها أصحابه إلى جهاد أهل الشام، قال بعد تقاعد أكثرهم عن نصرته، استشهد فيه الله تعالى وملائكته وعباده على من سمع مقالته العادلة المستقيمة التي هي طريق الله القائدة للناس إلى الرشاد في دينهم ودنياهم المصلحة غير المفسدة لهم وهي دعوته إياهم إلى جهاد أعداء الدين والبغاة عليه.
ثم أعرض عنها وقعد عن نصرته وتباطئ عن إعزاز دينه وأبى إلا التأخر عن طاعته، وفي ذلك الاستشهاد ترغيب إلى الجهاد وتنفير عن التأخر عنه، إذ كان كأنه إعلام الله بحال المتخاذلين عن نصرة دينه وقعودهم عما أمرهم به من الذب عنه فتتحرك أوهامهم لذلك بالفزع إلى طاعته، وكذلك في وصفه المقالته بالعدل والإصلاح ترغيب في سماعها وجذب إليها.
وفي قوله: «ثم أنت بعد»: أي بعد تلك الشهادة عليه المغني لنا عن نصرته تنبيه على عظمة ملك الله، وتحقير للنفوس المتخاذلة عن نصرة الدين، وفي ذلك الأخذ بالذنب تذكير بوعيد الله وأن في ذلك التخاذل ذنب عظيم يؤخذ به العبد. وبالله التوفيق([4]))([5]).
الهوامش:
([1]) في شرح نهج ابن ميثم، ونهج محمد عبده : بأكبر، وفي هامشه «أكبر الشاهدين : هو النبي (صلى الله عليه وآله) أو القرآن».
([2]) نهج البلاغة لصبحي صالح: ۳۲۹ خطبة رقم ۲۱۲، ونهج البلاغة للشيخ العطار: ٤٣٨/ خطبة رقم ۲۱۲ ، وشرح نهج البلاغة لابن ميثم ٤ ٢٧ / خطبة رقم ٢٠٣، ونهج البلاغة للشيخ محمد عبده ١: ٤٥٤ - ٤٥٥ .
([3]) شرح الألفاظ الغريبة في شرح النهج لابن ميثم ٢٧:٤.
([4]) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ٤ ۲۷ - ۲۸ شرح الخطبة رقم ٢٠٣.
([5]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الدنيا في نهج الإمام علي عليه السلام: السيد عبد الحسين الغريفي، ط: مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ص 266-267.