بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد
قد تكرر من الإمام عليه السلام في مناسبات عديدة حث الإنسان على عدم الاغترار بالمال وعدم الاعتزاز به وأنه زائل لا يبقى، وأنه قد يكون غنيًا لكنه يتحول بعد ذلك إلى فقير، فلا يصلح له الاعتماد على المال لأنه في طريقه إلى الانتقال، وهذه الحكمة قد جاءت مكملة لغيرها وبأسلوب وعظي جديد وهو:
إن الإنسان الذي جهد نفسه لجمع المال سينتقل عنه إلى الدار الآخرة ويتركه للورثة الذين فرض الله تعالى لهم الحق وإلا فيكون المال من دون مالك وهو محال بل لابدً له من مالك يجوز ه سواء كانت الحيازة مباشرة أو بالتسبيب كما في ملكية الورثة لأموال مورثهم فإنهم يملكونها بسبب موت المالك المباشر الأول إذن فلا جدال في هذا.
فإذا كان الإنسان يعلم يقيناً أنه يرحل ويترك المال فلماذا البخل ومنع نفسه أو أهله وذويه، أو منع الفقراء من حقوقهم، ولماذا التكالب والتناحر والجمع المكدي والحوي المضني إذا كان ما بعده رحيل وتوديع فالورثة شركاء للمالك رضي أم لم يرض.
وأيضاً الشريك الآخر حوادث الدهر ونوائبه وما يصيب مال الإنسان من خسارة او غرق أو حرق أو سرقة أو مصادرة أو محاولة التفاف عليه وابتزاز له وتزوير ونحو ذلك مما يتعرض له الإنسان في حياته، فهذه شاركته ولو لم يرتض شركتها.
فإذا كانت شركتها تحمل طابع المفاجأة والمباغتة وعدم الاستئذان وإلغاء شرط الموافقة فلابد للعاقل أن يتحسب للأمر جيداً فينفق المال حيث لا ندم ولا تمني فرصة التراجع وما ذاك إلا أن يصرفه فيما يجرز فيه ويتيقن معه من رضا الله سبحانه.
فالدعوة إلى التغلب على النزعات النفسية والدوافع الأنانية في جمع المال وعدم إنفاقه في المطلوب ([1]).
الهوامش:
([1]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ط8، ص 321-322.