بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد
الدعوة إلى تقييم الإنسان على أساس المنطق وسبك الكلام لما لهما من أثر في شد المستمعين الذي يعني إصغاؤهم ثم انشدادهم ثم تأثرهم في الكلام المسموع ثم التطبيق في كثير من الأحيان.
والدعوة إلى عدم الانتقاص والازدراء بالمتكلم حين يكون غير مقبول الهندام والهيئة الخارجية المظهرية، أو مجهول الهوية، إذ من الممكن جداً – لأجل تكوين القناعة الكافية والانطباع عن الآخرين – أن يصغي السامع للكلام وصوغه الجيد وأسلوب المنطق والحوار فهو الشيء الوحيد الذي يتغلب على التزييف لأن يعرف المتصنع من المترسل والمتكلف من غيره والحافظ من المنشئ وهكذا يتبين الحال إن كانت قابليته ذاتيه أو مقتبسة من الآخرين وقد سطا عليها وانتحلها هو.
بينما الأمور الأخر تقبل التمظهر ومحاكاة الآخرين ولا تظهر لكل أحد حقيقتها إلا بعد دقة وإمعان فمثلاً يمكن لأي أحد أن يلبس قيافة شخص آخر بعد إجراء تعديل وتحوير ولكن يبدو واضحاً للعارف بالمقاييس الصحيحة الملائمة لمقاسات الأشخاص أن هذه مصنعة لتناسبه ولم تكن كذلك سابقاً، وهكذا عمليات التجميل الخاصة بالممثلين أو بالنساء وهكذا استعمال الإكسسوارات والشعر (الباروكة) وما إلى ذلك مما يعرفه الحاذق بل وغيره أيضاً. أما صناعة الكلام ودلالته على المتكلم فيتضح أمرها – كما تقدم – وقد تسبب الكلام وحسن المقال في نجاة أشخاص كانوا في مواقف حرجة، ودل على مكانتهم فلاقوا احتراماً وتبجيلاً بعدما عانوا العكس.
إذن لابدَّ من احترام المقابل بمقدار ما يدل عليه كلامه ومنطقه وحسن مقاله من فعل وأدب وحكمة، لا بمقدار ما تدل عليه قيافته ومظهره الخارجي القابل للتغيير ([1]).
الهوامش:
([1]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ط8، ص 341-342.