شرح حكم الإمام علي عليه السلام الحكمة (72) قال عليه السلام: رأيُ الشَّيخِ خيرٌ من مَشهَدِ الغُلام

سلسلة قصار الحكم

شرح حكم الإمام علي عليه السلام الحكمة (72) قال عليه السلام: رأيُ الشَّيخِ خيرٌ من مَشهَدِ الغُلام

596 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 01-11-2025

بقلم: د. قاسم خلف السكيني.

الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.

أما بعد:
قال الإمام علي (عليه السلام): ((رأيُ الشَّيخِ خيرٌ من مَشهَدِ الغُلام))([1])

 جاء في المصباح: (مشهد الغلام: حضوره). والجلد (بفتح الجيم واللام): الصلابة والقوة([2]). والمعنى المستفاد من الحكمة أن الرأي والمشورة المفيدة، يجب تقديمها على مظاهر القوة المشار إليها بـ (الغلام) بمعنى الفتوة. وذلك للمنفعة الكبيرة الحاصلة من الرأي. وقد أشار البحراني في شرحه إلى هذا التعليل، بقوله: (إن الرأي مقدم على القوة والشجاعة، لأصالة منفعته... وأن الشيخوخة مظنة الرأي الصحيح لكثرة تجارب الشيخ وممارساته للأمور، والغلام مظنة القوة والجلد). وهذا التعليل في محله، لأن الرأي الصائب نجده عند ذوي التجارب. وقد بين ابن أبي الحديد وجها آخر من التعليل، إذ أشار إلى أن رأي الشيخ يبلغ من العدو ما لا يبلغه جلد وقوة وسطوة الحدث. ولعل في بيت المتنبي:

الرَّأْيُ قَبْلَ شَجَاعَةِ الشُّجَعَانِ                   هُوَ أَوَّلٌ وَهْيَ المَحَلُّ الثَّانِي([3])

تقاربا دلاليا مع الحكمة، من المرجح أن يكون المتنبي قد أخذ المعنى منها، وقد أشار ابن أبي الحديد إلى ذلك.

 وفيما يخص الرواية فإن لفظ (الشيخ) يتضمن دلالة التجربة لكثرة تجاربه، وطول عمره، ولذا لا مسوغ لـوجود لفظ (المجرب))([4]).

الهوامش:
([1]) روي في الدستور ص17: (رأي الشيخ المجرب...)، وفي شرح الغرر 4/93: (جَلد) بدلاً من (مشهد)، ومثله في المنهاج 3/289، والمعارج ص 412، والترجمة 2/ 445، وشرح ابن أبي الحديد 5/284، وشرح البحراني 5/ 284، والمصباح ص 597.
 ورويت بلفظ المتن في: الحدائق 2/624، وشرح مائة 1/205.
([2]) اللسان: (جلد).
([3]) ديوانه 2/1186.
([4])لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص91.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.1594 Seconds