الطلة البهية لمنقذ البشرية (عجل الله تعالى فرجه).

مقالات وبحوث

الطلة البهية لمنقذ البشرية (عجل الله تعالى فرجه).

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 09-04-2020

الباحث: علي فاضل الخزاعي
الحمد لله ربِّ العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن (صلواتك عليه وعلى آبائه) في هذه الساعة وفي كلِّ ساعة، وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليلًا وعينًا، حتَّى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا.
في ليلة النصف من شعبان المبارك أشرقت الأرض بنور الله الأعظم، منتجب السماء الموعود لإحقاق الحق، وإزهاق الباطل، وإظهار العدل، الإمام الحجة بن الحسن المهدي المنتظر (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف).
وهذه الليلة من أقدس الليالي؛ إذ وردت روايات في فضلها وحرص النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) على إحيائها، ولذلك فهي أفضل ليلة بعد ليلة القدر كما عبَّر عن ذلك الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام) بقوله في راوية نأخذ منها ما نصُّه: ((هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله، ويغفر لهم بمنه، فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها، فإنَّها ليلةٌ آلى الله (عزَّ وجلَّ) على نفسه لا يرد سائلًا فيها ما لم يسأل الله معصية، وإنَّها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينا (عليه السلام)، فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله...))([1]) . وكيف لا تكون كذلك وفيها وِلد بقيَّة الله الأعظم المهدي المنتظر (عجَّ)، وفي هذه الليلة يُستحب زيارة أبي الأحرار وريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الإمام الحسين (عليه السلام).
ونودُّ في هذه العجالة أن نقدِّم للقارئ الكريم تعريفًا موجزًا لهذه لليلة النصف من شعبان، والمولود المبارك فيها مع بيان جملة من بعض صفاته (عجل الله تعالى فرجه) بحسب ما يسمح به المقام .
ولادته، وأسمه، ونسبه، وألقابه وصفاته:
ولد أبو القاسم محمد الحجة بن الحسن (عليهما السلام) بسر من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة، وأما نسبه أباً وأمّاً فهو أبو القاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين).
ألقابه:
 لُقِّب (عليه السلام) بألقابٍ كثيرة منها: الحجة والمهدي والخلف الصالح والقائم المنتظر وصاحب الزمان وأشهرها المهدي[2].
أما صفاته الجسميَّة فهو مثل صفات أهل البيت (عليهم السلام)؛ وقد نقل بعضًا منها الإمام الباقر عن جدِّه أمير المؤمنين (عليهما السلام) قوله: (هُوَ شابٌ مُرْبُوعٌ حَسَنُ الوَجْهِ، حَسَنُ الشَّعْرِ، يسْبِلُ شَعْرَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَيَعْلُو نُورُ وَجْهِهِ سَوَادَ شَعْر لحْيَتِهِ ورَأسه، بأبي ابن خيرة الاِماء)[3].
شمائله وبعض صفاته:
ورد عن أبي جعفر محمَّد بن عليّ الباقر، عن أبيه، عن جدِّه (عليهم السلام) قال: ((قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو على المنبر: (يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَبْيَضُ اللَّوْنِ، مُشْرَبٌ بِالحُمْرةِ، مُبَدَّحُ البَطْنِ، عَرِيضُ الفَخِذَيْنِ، عَظِيمُ مِشَاشِ[4] المَنْكِبَيْنِ، بِظَهْرِهِ شَامَتَانِ، شَامَةٌ عَلَى لَوْنِ جِلْدِهِ، وَشَامَةٌ عَلَى شَبَهِ شَامَةِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، لَهُ اسْمَانِ: اسْمٌ يَخْفَى واسْمٌ يُعْلَنُ، فَأَمَّا الَّذِي يَخْفَى فَأَحْمَدُ، وَأَمَّا الَّذِي يُعْلَنُ فَمُحَمَّد، إِذَا هَزَّ رَايَتَهُ أَضَاءَ لَهَا مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رؤوس العِبَادِ فَلا يَبْقَى مُوَمِنٌ إِلاَّ صَارَ قَلْبُهُ أَشَدَّ مِنْ زُبُرِ الحَدِيدِ، وَأَعْطاهُ اللّهُ تَعَالَى قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً، وَلاَ يَبْقَى مَيِّتٌ إِلاَّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الفَرْحَةُ (في قَلْبِهِ) وَهُوَ في قَبْرِه، وَهُمْ يَتَزَاوَروُنَ فِي قُبُورِهِمْ، وَيَتَبَاشَروُنَ بِقيَامِ القَائِم صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِ))[5].
هذه بعض صفاته (عليه السلام) المذكورة في الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام)، أمَّا عن دوره في هذه الحياة فهو بناء الإنسان الكامل في دولة العدل الإلهي، فيملأ الأرض عدلًا بعدما ملئت جورًا، وتتوحَّد على يديه الخليقة فلا حدود ولا فوارق طبقيَّة بين النَّاس، ولا ميزان للتفاضل سوى الكرامة عند الله تعالى، وبذلك يتحقَّق على يديه أمل الأنبياء والمرسلين بإقامة حكم لله تعالى في الأرض، وتحقيق العدالة والمساوات بين البشر كافَّة في جميع أصقاع المعمورة، جعلنا الله تعالى وإيَّاكم ممَّن يحضر دولته وينصره على عدوِّه بيده وماله ونفسه وأهله .
الهوامش:
([1]) مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي (ت: 460 هـ)
[2]  الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة، ابن الصباغ: 282 ـ 283، دار الأضواء.
[3] إثبات الهداة، الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي: 7|414.
[4] المشاشة بالضمِّ: رأس العظم الممكن المضغ. والجمع مشاش، والشامة: علامة تخالف البدن الّذي هي فيه، وهي هنا إمّا بأن تكون أرفع من سائر الاَجزاء أو أخفض وإن لم تخالف في اللون. موسوعة أحاديث أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام): 1/28).
[5] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: 51|35.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2639 Seconds