من مرويات الإمام علي (عليه السلام) في لسان العرب قوله (عليه السلام): ((أَيُّهَا الْيَفَنُ الَّذِي قَدْ لَهَزَه الْقَتِيرُ))

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من مرويات الإمام علي (عليه السلام) في لسان العرب قوله (عليه السلام): ((أَيُّهَا الْيَفَنُ الَّذِي قَدْ لَهَزَه الْقَتِيرُ))

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 30-05-2022

بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.
وبعد:
فان الصفة المشبهة، هِي من المُشتقَّات الَّتي يُوصفُ بها على وجهِ الدّوامِ، وأشار إلى ذلك كثير من القدماء([1])، وعرَّفها ابن هشام بقولِهِ: «هي الصِّفةُ المَصوغَةُ لغيرِ تفضيلٍ؛ لإفادةِ الثُّبوتِ»([2])، وهى لفظٌ مَصُوغٌ من مصدرِ اللَّازمِ([3])، وتكونُ صياغَتُهَا بكثـرةٍ من الفعلِ اللَّازمِ من بابِ(فَعِـل) المكسور العين في الماضي، وباب(فَعُـل) المضموم العين في الماضي، وتَقلُّ في نحو(فَعَـل) المفتوح العين في الماضي، وتُقاسُ من غيرِ الثُّلاثيِّ على زِنةِ اسـمِ الفاعلِ أو المفعولِ من ذلكَ الفعلِ، بشرطِ أنْ يكونَ المعنى على جهةِ الدّوامِ والثُّبوتِ؛ للفرقِ بينه وبينها([4]).
  ومن أبنيةِ الصِّفةِ المُشبَّهةِ الَّتي وردتْ في المرويَّات، ما يأتي:
(فَعَل) بفتح الفاء والعين، يُصاغُ هذا البناءُ من الفعلِ الثُّلاثيِّ(فَعُل)، أي: (الباب الخامس)، نحو: حَسُن، وبَطُل([5]).
وقد وردَ هذا البناءُ في المرويَّات في مواضعَ كثيرة، بلغت (تسعَ عشرةَ) مرَّة. نذكرُ منها الآتي:
  قالَ ابنُ منظور في بيانِ دلالةِ كلمةِ(اليَفَن): «اليَفَنُ: الشَّيْخُ الكَبِيرُ؛ وفي كَلَامِ عَلِيٍّ، (عليه السَّلام): أَيُّها اليَفَنُ الَّذِي قَدْ لَهَزَهُ القَتِيرُ؛ اليَفَنُ، بِالتَّحْرِيكِ: الشَّيْخُ الكَبِيرُ، والقَتِيرُ: الشَّيْبُ»([6])، في النَّصِّ كلمةٌ على زِنَةِ(فَعَل) هي(يَفَنُ)، وهي من أبنيةِ الصِّفةِ المشبَّهةِ، مُشتقَّةٌ من الفعلِ الثُّلاثيِّ(يَفُنَ)، وهو الشَّيخُ الكبيرُ، والياء فيه أصليَّةُ([7]).
  أرادَ الإمامُ أن يُبيِّنَ مَرْحلةً من مراحلِ عمرِ الإنسانِ، وهو في نهايةِ عمرهِ، إذ لا يسْتَطيعُ أن يدفعَ عن نفسهِ الضَّرَ، ولا يَجلبُ لها النَّفعَ؛ فنعتهُ باليَفَن، واليَفنُ، صفةٌ مُشبَّهةٌ على زنةِ(فَعَل)، وهذه الصِّفةُ لا تنفكُّ عن صاحبِهَا؛ فلا يمكنُ أن يَعودَ الإنسانُ إلى شَبابهِ بَعدَ دخولهِ سنَّ الشَّيخوخةِ، وهذا دليلٌ على أنَّ هذه الصِّيغةَ تَلْزمُ الموصوفِ بها، وتستقرُّ فيهِ)([8]).

الهوامش:
[1]   ينظر: المفصل في صنعة الاعراب: 293، وشرح الكافية الشافية: 2/1054، وتوضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك، للمرادي: 2/875.
[2]   قطر الندى وبل الصدى: 277.
[3]   ينظر: شذا العرف في فن الصرف: 63.
[4]   ينظر: أوضح المسالك: 3/219-220، وشرح ابن عقيل: 3/141، وحاشية الصبان على شرح الأشموني، محمد بن علي الصبان(ت1206هـ): 3/5.
[5]   ينظر: شذا العرف في فن الصرف: 64.
[6]   لسان العرب(يفن): 13/457.
[7]   ينظر: العين(يفن): 8/377.
[8] لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 64-65.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3159 Seconds