من ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة: 1- ألفاظ وسائط النقل (الإبل وما تعلق بها): (دَبَرَ) قال عليه السلام: وتَثَاقَلْتُم تَثَاقُلَ النِّضْو الأَدْبر

مقالات وبحوث

من ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة: 1- ألفاظ وسائط النقل (الإبل وما تعلق بها): (دَبَرَ) قال عليه السلام: وتَثَاقَلْتُم تَثَاقُلَ النِّضْو الأَدْبر

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 21-03-2023

بقلم: د. حسام عدنان الياسري.

الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، مانع كل غنيمة وفضل، وكاشف عظيمة وازل، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الاطهار.

وبعد:
قال عليه السلام: وتَثَاقَلْتُم تَثَاقُلَ النِّضْو الأَدْبر
دَبَر ما يكون في ظهر الدَّابّة من جروح وتقرح[1]. وذلك بسبب من الأحمال والأقتاب التي تحمل عليه[2]. واستعمل الإمام مفردات (دَبَر) و (دَبِرة) و (الأَدْبَر) مرة واحدة لكل منها في كلامه الوارد في نهج البلاغة[3]،  للدلالة على ما يأتي:

أولاً: التقرح والجروح التي تصيب ظهر الإبل والدواب.
ومن ذلك قوله (عليه السلام) في سياق ذم أصحابه الذين دعاهم إلى قتال أهل الشام. إذ يقول: ((...وتَثَاقَلْتُم تَثَاقُلَ النِّضْو الأَدْبر...))[4]. ويشبه الإمام المتقاعسين المتخاذلين من أصحابه في الخروج إلى قتال اتباع معاوية بـ (تثاقل) النضو من الإبل، وهو البعير المنهك الذي أهزلته الأسفار وأدبرته، فيكون ضعيفاً عن القعود والقيام، فضلاً عن الادراج في السفر؛ لأنه يكون هزيلاً متعباً مما به من جروح وقروح في ظهره. ولا يكون ذلك إلا من عض القتب لغاربه، فتكثر في سنامه القروح والدبّر، وهو ما يضعفه عن الحركة. وقد أحس الإمام من أصحابه بهذا التثاقل والميل إلى القعود؛ فشبههم بهذا الضرب من الإبل بجامع الضعف والهزال وعدم المقدرة. وقد استعمل مفردة (دَبِرة)، للدلالة على القروح التي تصيب الأناث من الدواب، وذلك في (ك/45).

ثانياً: الدلالة على الحال التي يعيش بها البَدْو.
واستعمل الإمام لهذه الدلالة مفردة (دَبَر)، وذلك في سياق الاعتبار بالأمم السابقة، وما فعله الملوك والقياصرة بالرعية: ((... فَتَرَكُوهُمْ عَالَةً مَسَاكِينَ إِخْوَانَ دَبَر وَوَبَر، أَذَلَّ الاْمَمِ داراً، وَأَجْدَبَهُمْ قَرَاراً...))[5]. أضاف (عليه السلام) كلمة (إِخْوان) الى(دَبَر). في إشارة إلى هذه الفئة من المجتمع التي تعيش في البوادي؛ معتمدين على رعي الإبل وسوقها. فكنى عن مواطنهم هذه بذكر لفظتي (دَبَر) و (وَبَر) المخصوصتين بالإبل من الدواب. تذكيراً لهم بما كانوا عليه من ذل وتبع لهؤلاء. وما من الله عليهم من نعمٍ. فكأنّه (عليه السلام) يومئ إلى قوله تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} [6].)[7].

الهوامش:
[1] ينظر: العين (دبر): 8/ 33، والمخصص: م/2: س/7: 168، ولسان العرب (دبر):4/273.
[2] ينظر: لسان العرب (دبر):4/273.
[3] ينظر: المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة: 151، 152.
[4] نهج البلاغة: خ/39: 82.
[5] نفسه: خ/192: 375.
[6] البقرة /49.
[7] لمزيد من الاطلاع ينظر: ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة: للدكتور حسام عدنان رحيم الياسري، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 27-28.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.4444 Seconds