من ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة علف الإبل واجترارها وعطشها 1- عَلَفها: قال عليه السلام ((وَإنَّمَا هِيَ كَالْمَعْلُوفَةِ لِلْمُدَى لاَ تَعْرِفُ مَاذَا يُرَادُ بِهَا))

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة علف الإبل واجترارها وعطشها 1- عَلَفها: قال عليه السلام ((وَإنَّمَا هِيَ كَالْمَعْلُوفَةِ لِلْمُدَى لاَ تَعْرِفُ مَاذَا يُرَادُ بِهَا))

89 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 05-01-2025

بقلم: د. حسام عدنان الياسري.

الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، مانع كل غنيمة وفضل، وكاشف عظيمة وأزل، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الاطهار.

وبعد:
العَلَف طعام الدابة، وقضيمها[1]. واعتلفت الدابة إذا أكلت [2]. والعَلِيْفَةُ والمعْلَفَة، النّاقَةُ التي يُجمع لها العَلَف، فتعلف للسمن، دون أنْ تسرح، أو ترسل للرعي [3]. وقد استعملت مفردات (عَلَفها)، و(أَعْلافها)، و(المَعْلُوفة) و(مُعْتَلفه) مرة واحدة لكل واحدة منها في نهج البلاغة [4]. للدلالة على طعام الدواب من الإبل وغيرها. ومن ذلك قوله (عليه السلام) في مقام الذم، وتشبيه الناس بالنعم: ((أَيُّهَا الغَافِلُونَ غَيْرُ الْمَغْفُولِ عَنْهُمْ، وَالتَّارِكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ، مَالي أَرَاكُمْ عَنِ اللهِ ذَاهِبِينَ، وَإِلَى غَيْرِهِ رَاغِبِينَ! كَأَنَّكُمْ نَعَمٌ أَرَاحَ[5] بِهَا سَائِمٌ إلَى مَرْعىً وبيّ[6]، وَمَشْرَب دَوِيّ[7]، وَإنَّمَا هِيَ كَالْمَعْلُوفَةِ لِلْمُدَى لاَ تَعْرِفُ مَاذَا يُرَادُ بِهَا...))[8]. ويذكر الإمام على الناس ذهابهم عن الله جل جلاله، ورغبتهم بغيره من لهو الدنيا ولعبها، وسلطانها الذي صار كأنه قبلتهم وسيدهم دون الله. وقد استهل أمير المؤمنين كلامه هذا بتذكير الناس أنهم غير مغفولٍ عنهم.

يريد بذلك: أنّ الله جل وعلاه لا يغادر لهم صغيرة أو كبيرة إلاّ أحصاها وشبه الناس الذين اتصفوا بهذهِ الأوصاف بالنّعم التي أراحها راعيها إلى مرعى كثير الداء، رديء العشب دوي المشرب، كأن في شربه الداء الذي يشتت شملها، وما علم أنها في نهاية أمرها ستكون للذبح والفناء. فقد أخذت إلى غير ما أعدت له وذلك أنّ المعلوفة من الدواب والنعم، لا تخرج إلى المرعى، لأنها يجمع لها العَلَفُ لتسمن، فلهذا لا تعد للسرح. لأن الغرض من إِعلافها هو تهيئتها للذبح كما يظهر. ويطلق على هذا الضرب من الإبل (العِلَيْفَة) أو (المُعْلَفَةَ)[9]. وقد استعمل الإمام (عليه السلام) مفردة (المَعْلُوفَة) بصيغة (مفْعُول) في سياق التهكّم والذّم، كأنه يشير إلى كونها مُنَعّمة في أكلها وشربها دون أن تعلم خاتمتها ومصيرها، معدة للذبح بالمدى. وقد وردت الفاظ (عَلَفها) و (أَعلافها) للدلالة على طعام الدواب الذي تأكله، وذلك في (ك/45) في حين جاءت مفردة (مُعْتَلَفِه) للدلالة على موضع الإعلاف، ومكانه على سبيل التشبيه بالدابة التي تعلف في مواضعها المخصصة لذلك. في (خ/3) من نهج البلاغة) ([10]).

الهوامش:
[1] ينظر: العين (علف): 2/144، والمحكم (علف): 2/161، ولسان العرب (علف): 9/255.
[2] ينظر: المحكم (علف): 2/161.
[3] نفسه.
[4] ينظر: المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة: 2/162.
[5] أَرَاحَ إذا أراحها لتستريح بعد الإعياء. ينظر: لسان العرب (روح): 2/462.
[6] الوَبِيءُ المرعى الكثير الوباء غير جيد الرعي. ينظر: لسان العرب (وبأ): 1/89.
[7] الدَّوِيُّ الذي فيه داء وَدِيءُ. ينظر: العين (دوي): 8/93.
[8] نهج البلاغة: خ/175: 314.
[9] ينظر: المحكم (علف): 2/161.
([10]) لمزيد من الاطلاع ينظر: ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة: للدكتور حسام عدنان رحيم الياسري، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 106-107.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2631 Seconds