بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر
الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
الوَشْل
قال الإمام عَلِيٌّ (عليه السلام) ((رِمَالٌ دَمِثَةٌ، وعُيونٌ وَشِلَة))[1]. المفردة الغريبة التي تلفت أنظارنا في كلامه (عليه السلام) (وَشِلَة) وعند الرجوع الى المعجمات نجد مفردة (الْوَشَل) في اللغة: الْمَاء الْقَلِيل يتجلَّبُ من صخرةٍ أو جبل يقطر منه قليلاً قليلاً. وجبل واشل: يقطر منه الماء، وماء واشل يشلُ وشلاً، وجَمعُه أَوشَال[2].
وقال ابن قتيبة: ((أوشلت من: الوشل وَهُوَ المَاء الْقَلِيل الَّذِي يقطر))[3]. قوله (وعُيون وَشِلَة)،أي: عيون قليلة الماء، ومنه كما يقَال لِحَفَّارٍ حَفَر لَهُ بِئْراً: أخَسَفْتَ أَمْ أَوشَلْتَ؟ أَي بمعنى أنْبَطْتَ ماءً كَثِيرًا أَمْ قَلِيلًا [4].وبهذا فقد استعمل الامام (عليه السلام) المفردة بدلالتها المركزية، وذلك لابتلاء الخلق واختبارهم بالكعبة بأن يجعل-سبحانه وتعالى- الكعبة ((بين جبالٍ خشنة، ورمالٍ دَمِثة، وعيونٍ وَشِلة، وقرى منقطعة...)) [5]،فكلما كان الابتلاء والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل فلذلك جعله الله-تعالى- سبباً لرحمته، ووسيلة الى جنته)([6]).
الهوامش:
[1] النهاية في غريب الحديث والأثر: 5/189.
[2] ينظر: العين: ( وشل)6/285،ولسان العرب(وشل)11/725، وتاج العروس: (وشل)31/76.
[3] غريب الحديث: ابن قتيبة: 3/704، وينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5/189.
[4] ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5/189.
[5] الكافي: 4/198.
([6]) مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص180-181.