مناقشة أقوال الفخر الرازي (ت 606هـ) وتأويلاته للإرث وبيان معارضتها للقرآن والسُنَّة وتضافره على هضم فاطمة عليها السلام. رابعاً: مناقشة تأويله للإرث في سورة الحجرات.

مقالات وبحوث

مناقشة أقوال الفخر الرازي (ت 606هـ) وتأويلاته للإرث وبيان معارضتها للقرآن والسُنَّة وتضافره على هضم فاطمة عليها السلام. رابعاً: مناقشة تأويله للإرث في سورة الحجرات.

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 23-03-2023

بقلم : السيد نبيل الحسني الكربلائي.

أما الموضع الرابع الذي تناول فيه الإرث والتوارث بين الأنبياء (عليهم السلام)، فكان في بيانه لتفسير قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [سورة الحجرات/13] بعد أن استفاض في الحديث في بيان قوله عز وجل: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} فكان قوله هنا: تراجعاً عما سبق من النقاش والاستقراء للأقوال فقد نقضها جميعاً وأقر أن العلم لا يمكن أن يتم الحصول عليه بالإرث والانتساب للعالم، فسبحان من جعل الباطل يدك بعضه بعضاً، فلاحظ قوله في تفسير الآية في الاعتبار الرابع من اعتبارات النسب، فقال:

(الرابعة: فيه إرشاد إلى برهان يدل على أن الافتخار ليس بالأنساب، وذلك لأن القبائل للتعارف بسبب الانتساب إلى شخص فإن كان ذلك الشخص شريفاً صح الافتخار في ظنكم، وإن لم يكن شريفاً لم يصح، فشرف ذلك الرجل الذي تفتخرون به هو بانتسابه إلى فصيلة أو باكتساب فضيلة، فإن كان بالانتساب لزم الانتهاء، وإن كان بالاكتساب فالدين الفقيه الكريم المحسن صار مثل من يفتخر به المفتخر، فكيف يفتخر بالأب وأب الأب على من حصل له من الحظ والخير ما فضل به نفسه عن ذلك الأب والجد؟
اللّهم إلا أن يجوز شرف الانتساب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن أحداً لا يقرب من الرسول في الفضيلة حتى يقول أنا مثل أبيك، ولكن في هذا النسب أثبت النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] الشرف لمن انتسب إليه بالاكتساب، ونفاه لمن أراد الشرف بالانتساب، فقال: «نحن معاشر الأنبياء لا نورِّث».
وقال: «العلماء ورثة الأنبياء» أي لا نورِّث بالانتساب، وإنما نورِّث بالاكتساب)[1].

أقول:
 لا يسعني المزيد من البيان في كاشفية التلاعب بالنصوص الشرعية ولَيّ عنقها بحسب ما تقتضيه الميول النفسية والأنساق الثقافية والعقدية في التحزب لسُنّة الشيخين؛ وظلم بضعة سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم) فبعد كل هذا الدفاع عن الحديث المزعوم المروي على لسان أبي بكر وأحاديثه التي تنكّر لها أعلام السُنَّة والجماعة لاحقاً نجد الفخر الرازي يقول:
(فإن أحداً لا يقرب من الرسول في الفضيلة، حتى يقول: أنا مثل أبيك، ولكن في هذا النسب أثبت النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] الشرف لمن انتسب إليه بالاكتساب ونفاه لمن أراد الشرف بالانتساب!!!!

فقال:
(نحن معاشر الأنبياء لا نورِّث)، وقال: (العلماء ورثة الأنبياء)، أي: لا نورِّث بالانتساب، وإنما نورِّث بالاكتساب)!!! فسبحان الله كيف أصبح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يوّرث الشرف والعلم والنبوة والفضيلة وغيرها بالانتساب، وإنما بالاكتساب؟!! بل السؤال الأهم: كيف يصح الاعتقاد بقول: (ما تركنا صدقة) وقد جاءت تركت النبي صلى الله عليه وآله عن طريق الاكتساب وليس الانتساب فمنعوا به فاطمة عليها السلام؟!! بل أن الحقيقة الثابتة أن الفخر الرازي كغيره من أعلام أهل السُنّة والجماعة كان مصداقاً لقول أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام):
«وسَتُنَبِّئُكَ ابْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ عَلَى هَضْمِهَا». [2]

الهوامش:
[1] تفسير الرازي: ج28 ص 148 - 149.
[2] لمزيد من الاطلاع ، ينظر : معارضة حديث لا نورث للقران والسُنّة واللغة ، السيد نبيل الحسني : 169/171 ، إصدار مؤسسة علوم نهج البلاغة التابعة للعتبة الحسينية المقدسة ، ط1 دار الوارث كربلاء المقدسة - 2021م

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2551 Seconds