من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث قال: ((وَمِنْهُمْ كَالسَّحَائِبِ الدُّلَّحِ))

مقالات وبحوث

من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث قال: ((وَمِنْهُمْ كَالسَّحَائِبِ الدُّلَّحِ))

197 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 06-04-2025

بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر

الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أما بعد:
وَصَفَ الإمامُ عَلِيّ (عليه السلام) الْمَلَائِكَةَ في َحدِيثٍ لهُ([1])قَالَ: ((وَمِنْهُمْ كَالسَّحَائِبِ الدُّلَّحِ))([2]).وفي نهج البلاغة وردت خطبة له يصف الملائكة قوله (عليه السلام): (( ومنهم من هو في خلق الغمام الدلح، وفى عظم الجبال الشمخ))([3]).

التركيب الغريب الذي ورد في كلامه (عليه السلام) (السَّحَائِب الدُّلَّح)، السَّحائب جمع (سحاب)، و(الدُّلَّح) اصل (دَلَحَ)، قال ابن فارس: ((الدَّال وَاللَّام وَالْحَاء أُصَيْل يَدُلُّ عَلَى مَشْيٍ وَثِقَلِ الْمَحْمُولِ.... وَسَحَابَةٌ دَلُوحٌ: كَأَنَّهَا تَجْرِي بِمَائِهَا))([4])، ويقال: دَلَح يَدْلَح دَلْحاً والجمعُ: دُلُحٌ ودُلَّحٌ ودَوَالِحُ، ودُلَّح مثل رُكَّع...([5])

قوله (عليه السلام) ( كَالسَّحَائِبِ الدُّلَّحِ)، فقد شبههم بالسحائب الدُّلَّحِ لكثرة ما فيها من الخير فهذه صفة الملائكة، ومعرفتها بخالقها، كما يقال: سحابةٌ دَلُوحٌ ودالِحَةٌ، أي: مُثْقَلَةٌ بِالْمَاءِ كَثيرَتُه([6])، فقد وصفهم (عليه السلام) بأدق التفاصيل، وأفصح الكلام كما قال ابن ابي الحديد: ((....، فأما الكلام في الملائكة وصفاتها وصورها وعباداتها...، فإنه لم يكن معروفا عندهم على هذا التفصيل....، ولا قدروا على هذه الفصاحة، فثبت أن هذه الامور الدقيقة في مثل هذه العبارة الفصيحة، لم تحصل إلا لعلي وحده )) ([7]). والإمام (عليه السلام) إنما ذكر صفاتهم بما وصفهم به لأسباب منها: بيان قدرة الخالق-جلَّ جلاله-، وكذلك ليكون ذلك مثالا يحتذي عليه أهل العرفان من البشر، لكي يصل أعلى الدرجات بأن يتشبه بالملك)([8]).

الهوامش:
([1]) ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 /129، ولسان العرب: (دلح)2/435.
([2]) م. ن: 2 /129، م. ن: (دلح)2/435.
([3]) نهج البلاغة بشرح ابن ابي الحديد: 6/424، الغمام مرادف السحاب كما قال الأزهري: (( أما
السَّحابة، فَهِيَ: الغَمَامَة بفَتْحِ الغَيْنِ وتُجْمَعُ غماماً). تهذيب اللغة: (باب الغين والميم)8/29.
([4]) مقاييس اللغة: (دَلَحَ) 2/295.
([5]) ينظر: المخصص: 1/370، ولسان العرب: (دلح)2/435.
([6]) ينظر: المخصص: 2/420، والفائق في غريب الحديث: 1/434، واساس البلاغة:    (دلح)/506، وتاج العروس: (دلح) 6/363، ونهج البلاغة بشرح صبحي الصالح: 602.
([7]) نهج البلاغة بشرح ابن ابي الحديد: 6/426.
 ([8])  مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص189-191.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2727 Seconds
BESbswy