.png)
سلسلة قصار الحكم
بقلم: د. قاسم خلف السكيني.
الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.
أما بعد:
قال الإمام علي عليه السلام: قِيْمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يُحْسِنُ([1])
معنى هذه الحكمة أن قيمة كل إنسان وقدره العمل، أو الشيء الذي يجيده ويحسنه. وهذه الحكمة مشهورة، رواها الجاحظ وقال عنها: أنها تعدل الف كلمة من جيد كلام العرب، وأنها لو لم تكن في كتاب البيان والتبيين إلا هي لكفى بالكتاب نفعاً([2]).
وفي ما يخص ترجيح الرواية، فإن رواية العيون: (ما يعلمه)، هي رواية أحادية، ومتداخلة مع شطر من حكمة أخرى هي قوله (عليه السلام): (أوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط الإبل …)([3])، وكذلك رواية: (الناس أبناء ما يحسنون) فهي أحادية أيضا. أما الرواية المتضمنة للضمير العائد في جملة (ما يحسنه) فالمطرد حذف الضمير. والشواهد كثيرة من القـرآن الكريم، كقوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}([4])، أي ما قلاك. وقوله تعالى: {وأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَر}([5])، أي فلا تنهره.
وقد روى الحكمة ابن قتيبة (276 هـ) في عيون الأخبار([6]). )([7]).
الهوامش:
([1]) وردت في العيون ص 109 هكذا: (ألا لا يستحيَنَّ من لا يعلم ان يتعلم، فإن قيمة كل امرىء ما يعلمه)، وفي ص 45 بلفظ: (الناس أبناء ما يحسنون)، وفي الترجمة 2/443 بلفظ: (ما يحسنه)، وكذلك في شرح ابن أبي الحديد 18/230، وشرح البحراني 5/285، والمصباح ص 596. وفي شرح مائة كلمة 1/61، والتنميق (شرح مائة كلمة 2/8)، ومطلوب كل طالب (شرح مائة كلمة 3/49)، ورويت في الحدائق 2/621 وشرح الغرر 2/341 ضمن جملة طويلة بلفظ: (قيمة كل امرئ ما يعلمه).
ورويت بلفظ المتن في: المنهاج 3/288، والمعارج ص 408.
([2]) البيان والتبيين: 1 / 17.
([3]) العيون: ص109. وانظر الحكمة كاملة في ص70.
([4]) الضحى/ 3.
([5]) الضحى/ 10.
([6]) 2/10.
([7]) لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص87-88.
