.png)
سلسلة قصار الحكم
بقلم: د. قاسم خلف السكيني.
الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.
أما بعد:
قال الإمام علي عليه السلام: مَنْ تَرَكَ قَوْلَ (لاَ أَدْري)، أُصِيْبَتْ مَقاتِلُهُ([1])
قال البحراني: أن الترك: بمعنى مجانبة الشيء، هو كناية عن القول بغير علم. وأن إصابة المقاتل (بفتح الميم وكسر التاء): كناية عن الهلاك. وأن (مقاتل الإنسان) بحسب التعريف الوارد في المعارج: هي المواضع التي إذا أصيبت منه قتلته) وهذه العبارة موجودة في اللسان([2]) وهي تشير إلى ضرورة مراعاة حرمة العلم، ومقابلة المسألة التي لا يعلمها المسؤول بـ (لا أدري)، والمعنى المستفاد، أن من استنكف أن يقول (لا ادري) في المسائل والعلوم التي لا يعلمها، فقد عرض نفسه للهلاك. لأن القول بالجهل أحد موارد الهلاك، وقد قال أكثم بن صيفي: (مقتل الرجل بين فكيه)([3]) ولعل في هذا دلالة موجزة للحكمة. وقد رواها الميداني، ونسبها لابن عباس (رض) بلفظ: (إذا ترك العالم قول لا أدري أصيبت مقاتله)([4])، ولا تعارض في الرواية، لأن ابن عباس غالبا ما يروي عن الإمام (عليه السلام) أقوالا كثيرة. وأن اتفاق الشروح على نسبتها للإمام، يرجح لدينا إثباتها للإمام.
وفي ما يخص الرواية، فإن (كلمته)، الواردة في أعلام النهج، لا تقوي دلالة الحكمة)([5]).
الهوامش:
([1]) وردت في أعلام النهج ص295: (كلمته) بدلاً من (مقاتله).
ورويت بلفظ المتن في: المنهاج 3/288، والمعا رج ص411، والترجمة 2/445، وشرح ابن أبي الحديد 18/ 263، وشرح البحراني 5/283، والمصباح ص597.
([2]) اللسان: (قتل).
([3]) مجمع الأمثال: الميداني 1/ 207.
([4]) المصدر نفسه: 1/ 265.
([5])لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص90.
