بقلم: د. حسام عدنان الياسري.
الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، مانع كل غنيمة وفضل، وكاشف عظيمة وأزل، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الاطهار.
وبعد:
وهو أكثر الدلالات شيوعاً في كلام الإمام (عليه السلام)، ومن ذلك قوله (عليه السلام) في وصيته وصى بها بعض قواده حينما أنفذه إلى قتال أهل الشام: ((... وَلاَ تَسِرْ أولَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ اللهَ جَعَلَهُ سَكَناً، وَقَدَّرَهُ مُقَاماً لاَ ظَعْناً، فَأَرِحْ فِيهِ بَدَنَكَ...))([1]) ويوصي الإمام (عليه السلام) قائد جيشه في هذا النص بأن يكمُن في الليل؛ لأن الله تبارك وتعالى جعله سكناً يرتاح فيه العباد، مشيراً بكلامه هذا إلى قول الله جل جلاله: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} ([2]) والسكن ما يسكن فيه عن الحركات ويستراح([3]). ولهذا المعنى استعمل الإمام (عليه السلام) تعبير ((وَقَدَّرَهُ مُقَاماً لاَ ظَعْناً))، وأراد بـ (ظَعْناً) الدلالة على الارتحال، والسفر ([4]). كأن هذا المقام يمثل حالة الاستقرار واللبث بالمكان، وهو معنى (السّكن) الذي دلت عليه الآية المباركة، في حين أن مفردة (ظَعْناً) تقابل الدلالة المتقدمة وتشير إلى الارتحال والانتقال ([5]). أو كما يذكر اللغويون أنها تدل على الشخوص من مكان لآخر([6]))([7]).
الهوامش:
([1]) نهج البلاغة: ك / 12: 471.
([2]) الأنعام / 96.
([3]) ينظر: التسهيل لعلوم التنزيل، لابن عطية الغرناطي: 2/16.
([4]) ينظر: شرح نهج البلاغة (البحراني): 4/211.
([5]) ينظر: مع نهج البلاغة: 250.
([6]) ينظر: العين (ظعن): 2/88.
([7])لمزيد من الاطلاع ينظر: ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة: للدكتور حسام عدنان رحيم الياسري، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 151-152.