ألفاظ الأشجار والثمار والأزهار في نهج البلاغة: 7ـ الثـًمـَر:

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

ألفاظ الأشجار والثمار والأزهار في نهج البلاغة: 7ـ الثـًمـَر:

514 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 19-11-2025

بقلم: د. سحر ناجي المشهدي

الحمد لله الأول قبل الإنشاء، والآخر بعد فناء الأشياء، أحمده استتمامًا لنعمته، واستعصاماً من معصيته، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على من اصطفى من الخلق أجمعين سيدنا ونبينا محمد وآل الطاهرين..

اما بعد:
 تكرر هذا اللفظ في ثلاثة وعشرين موضعاَ من النَّهْج، ليدلَّ على المعنى الحقيقي ؛ فمن وروده  مفرداً (ثمرة)،  ومنها مجيئه جمعا على زنة (فعل)  في قوله (عليه السلام): « وَأُسْرَتُهُ خَيْرُ الاْسَرِ،  وَشَجَرَتُهُ خَيْرُ الشَّجَرِ; نَبَتَتْ فِي حَرَم،  وَبَسَقَتْ فِي كَرَم،  لَهَا فُرُوعٌ طِوَالٌ،  وَثَمَرٌ لاَيُنَالُ»([1]).  فاستعار لفظ الشجرة للأنبياء،  ووجه الإستعارة هو ماكنَّى بالإنصداع عنه من تفرع أشخاص الأنبياء عن صنفهم كتفرع أغصان الشَّجرة منها،  واختلف في المقصود بالشَّجر،  فقيل:  سيدنا ابراهيم (عليه السلام)،  وهو بعيد لكونه نفي لظهوره في مكة،  وقيل:  سيدنا اسماعيل (عليه السلام)، وقيل أراد هاشماً وولده (عليه السلام)  بقرينة:  نبتت في حرم وأراد مكة،  ورشَّح تلك الإستعارة بوصف الإنبات والبسق،  وكنَّى بالفروع عن أهله وذريته وسائر النجباء من بني هاشم،  ورشح للإستعارة بالثَّمر،  فكنَّى به عن العلوم والأخلاق ([2]).
وكنَّى بالثمرة عن علوم الأنبياء والأئمة.  ونحن نرجح كون الشَّجرة  الرَّسول(صلّى الله عليه وآله وسَلَّم)،  وفروعها علي، وأغصانها فاطمة،  وثمرها أولادها،  وورقتها شيعة أمير المؤمنين (عليهم السلام أجمعين)  ([3]).
وجاء لفظ (ثمرة)  على زنة (فَعَلة)  مفرداً في قوله (عليه السلام): «ثَمَرَةُ التَّفْرِيطِ النَّدَامَةُ، وَثَمَرَةُ الْحَزْمِ السَّلاَمَةُ» ([4]).

نجد التقابل الدلالي بين المتضادات،  اذ قابل الإمام بين (التفريط والحزم)  و(الندامة والسلامة) أخبر بـ (ثمرة)  وهي مبتدأ والتقابل هنا بالجملة الاسمية،  فالحزم:  تقديم العمل للحوادث الممكنة المستقبلة بما هو أقرب الى السلامة والتفريط في العمل لما يستقبل من الحوادث مظنة الوقوع.

وهو حملُّ الشَّجر.  والثًمَر:  أنواعُ المَّال،  والوَلَد ثمَرةُ القلبِ،  وأثمرت الشَّجرةُ([5]).

قال ابن فارس: « الثاء والميم والراء أصل واحد،  وهو شيء يتولد عن شيء متجمعا،  ثم يحمل عليه غيره استعارة.  فالثمر معروف.  يقال ثَمَرَة وثَمَرٌ وثِمارٌ وثُمُر الشجر الثامر:  الذي بلغ اوان يُثْمرُ.  والمُثْمِر:  الذي فيه الثًمَر» ([6]).

والثًمَرُ:  أنواع المال،  وجمع الثَمَر ثِمار،  وثَمُرُ جمع الجمع،  وقد يجوز ان يكون الثٌمُرُ جمع ثَمَرة كـ(رهن ورهان)  قال ابن سيده:  اعني ان جمع الجمع قليل في كلامهم، وحكى سيبويه في الثمر ثمرة،  وأثْمَرَ الشًجـَرُ:  خرج ثَمَرُهُ ([7]).

والثًمَرُ:  اسم لكل ما يُتطعًم من أعمال الشًجر،  الواحدة ثَمرَة والجمع ثمار وثمرات([8]).
الوصف بالمفرد يدل على الكثرة،  والوصف بالجمع يدل على القلة فقولنا (اشجار مثمرات) يدل على ان عدد الشجرات قليل بخلاف (أشجار مثمرة)  يدلُّ على أنَّ الأشجار كثيرة ([9])
قال تعالى ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾([10])
ويقال:  شجر مُثمِرٌ:  اذا اخرج الثمر فاستعمل فيه (أثمر) متعدياً،  واتفق أهل اللغة أنه لازم بمعنى صار ذا ثمر،  واستعمله بعض الفصحاء متعديافقوله أثمر الدُّر لايستقيم في النحو،  لأنه لايقال:  أثمرت النَّخلة الثَّمر،  إنَّما أثمَرت ثَـمَراً بغير ألف ولام،  بمعنى أثمرت بالثمر»([11]))([12]).

الهوامش:
([1]) نهج البلاغة:  خ 94،  97.
([2]) ظ:  منهاج البراعة:  7 / 87،  وظ:  شرح نهج البلاغة:  البحراني:  2 / 415.
([3]) ظ:  منهاج البلاغة:  7 / 87  وظ:  شرح نهج البلاغة:  البحراني:  2 / 415.
([4]) نهج البلاغة:  الحكم القصار:  181،  379.
([5]) ظ:  العين (مادة ثمر):  8 /223 ـ 224.
([6]) مقاييس اللغة:  1 / 388.
([7]) ظ:  لسان العرب:  1 / 504.
([8]) ظ:  المفردات في غريب القران:  1 / 105.
([9]) ظ:  التعبير القرآني:  3.
([10]) البقرة / 22.
([11]) ظ:  درة الغواص في أوهام الخواص:  الحريري:   246.
([12])  لمزيد من الاطلاع ينظر: المعجم الاقتصادي في نهج البلاغة، للدكتورة سحر ناجي المشهدي، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 294-297.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.1042 Seconds