شرح حكم الإمام علي عليه السلام الحكمة (74) قال: الفَقيْهُ، كُلُّ الفَقيْهِ، مَنْ لمْ يُقَنِّطْ النَّاسَ مِنْ رَحمةِ اللهِ، ولم يُؤيسهُم منْ رَوْح الله، ولّمْ يؤمنهُم منْ مَكْر الله

سلسلة قصار الحكم

شرح حكم الإمام علي عليه السلام الحكمة (74) قال: الفَقيْهُ، كُلُّ الفَقيْهِ، مَنْ لمْ يُقَنِّطْ النَّاسَ مِنْ رَحمةِ اللهِ، ولم يُؤيسهُم منْ رَوْح الله، ولّمْ يؤمنهُم منْ مَكْر الله

598 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 22-11-2025

بقلم: د. قاسم خلف السكيني.

الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.

أما بعد:
قال الإمام علي (عليه السلام):  الفَقيْهُ، كُلُّ الفَقيْهِ، مَنْ لمْ يُقَنِّطْ النَّاسَ مِنْ رَحمةِ اللهِ، ولم يُؤيسهُم منْ رَوْح الله، ولّمْ يؤمنهُم منْ مَكْر الله([1])
روح الله (بفتح الراء وسكون الواو): تعبير قرآني([2]) وهو: الفرج بعد الشدة([3]). وجاء في شرح البحراني: (كنّى بقولـه كل الفقيه عن تمامه أي الفقه الكامل)، وفي المصباح (لأن لكل من النفوس الجاهلـة دواء من الحكمة مخصوصا لا تشفى بغيره فلبعضهـا الوعد ولبعضها الوعيـد، ولبعضها البشارة ولبعضها النذارة). والقنوط غير اليأس.
أي أن الفقيه الكامل من يبشر الناس برحمة الله ولا يؤيسهم من لطف الله سبحانه، وعفوه وعطفه، وقد (عد اليأس من روح الله في الأخبار المأثورة من الكبائر الموبقة)([4]). فالشرك بالله ثم اليأس من روح الله من الكبائر([5]).
والمستفاد من هذه الحكمة أن كل خطاب موجه إلى الناس ينبغي أن لا يخلو من البشارة للذين تنفعهم البشارة، ويبعث في نفوسهم الأمل، وان لا يكون الخطاب يحمل شيئا مما يقنط الناس من رحمة الله، ويؤيسهم بذلك من روحه، مما يلزم اليأس. وكذلك، أن لا يخلو خطاب الفقيه التذكير بالوعيد لأولئك السائرين في الضلالة والغي، لكي يحد من إغراء العصاة بالمعصية، واتباع الهوى)([6]).

الهوامش:
([1]) رويت الحكمة في العيون ص55، ولكن لم ترد جملة: (ولم يؤمنهم من مكر الله)، وروي في الصفحة ذاتها: (العالم كل العالم من لم يمنع الناس الرجاء لرحمة الله ولم يؤمنهم من مكر الله). وفي شرح الغرر 2/61 وردت إلى: (روح الله). ورويت الحكمة بلفظ المتن في: الترجمة 2/446، وشرح ابن أبي الحديد 18/243، وشرح البحراني 5/285، والمصباح 598.
([2]) إشارة إلى الآية القرآنية الكريمة: {يَا بَنَيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوْسُفَ وأَخِيْهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إلاّ القَوْمُ الكَافِرُوْنَ} يوسف/ 87، ولم يرد تعبير (روح الله) الا في هذه الآية.
([3]) تفسير الميزان على الآية المتقدمة 11/265.
([4]) المصدر نفسه: 11/265.
([5]) كنز الدقائق: 6 /363.
([6]) لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص93-94.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.0946 Seconds