الخطبة الإفتخارية للإمام علي (عليه السلام) (*)
روي عن الأصبغ بن نباتة قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام فقال في خطبة : أنا أخو رسول الله ووارث علمه، ومعدن حكمه: وصاحب سره، وما أنزل الله حرفا في كتاب من كتبه إلا وقد صار إلي، وزاد لي علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، أعطيت علم الأنساب والأسباب، وأعطيت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب، ومددت بعلم القدر، وإن ذلك يجري في الأوصياء من بعدي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين.
أعطيت الصراط والميزان واللواء والكوثر، أنا المقدم على بني آدم يوم القيامة، أنا المحاسب للخلق، أنا منزلهم منازلهم، أنا عذاب أهل النار، ألا كل ذلك من فضل الله علي، ومن أنكر أن لي في الأرض كرة بعد كرة وعودا بعد رجعة، حديثا كما كنت قديما، فقد رد علينا، ومن رد علينا فقد رد على الله.
أنا صاحب الدعوات، أنا صاحب الصلوات، أنا صاحب النقمات، أنا صاحب الدلالات، أنا صاحب الآيات العجيبات، أنا عالم أسرار البريات، أنا قرن من حديد، أنا أبدا جديد، أنا منزل الملائكة منازلها، أنا آخذ العهد على الأرواح في الأزل، أنا المنادي لهم ألست بربكم بأمر قيوم لم يزل.
أنا كلمة الله الناطقة في خلقه، أنا آخذ العهد على جميع الخلائق في الصلوات، أنا غوث الأرامل واليتامى، أنا باب مدينة العلم، أنا كهف الحلم، أنا عامة الله القائمة، أنا صاحب لواء الحمد، أنا صاحب الهبات بعد الهبات ولو أخبرتكم لكفرتم.
أنا قاتل الجبابرة، أنا الذخيرة في الدنيا والآخرة، أنا سيد المؤمنين، أنا علم المهتدين، أنا صاحب اليمين، أنا اليقين، أنا إمام المتقين، أنا السابق إلى الدين، أنا حبل الله المتين، أنا الذي أملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا بسيفي هذا.
أنا صاحب جبريل، أنا تابع ميكائيل، أنا شجرة الهدى، أنا علم التقى، أنا حاشر الخلق إلى الله بالكلمة التي بها يجمع الخلائق، أنا منشئ الأنام، أنا جامع الأحكام، أنا صاحب القضيب الأزهر والجمل الأحمر، أنا باب اليقين، أنا أمير المؤمنين، أنا صاحب الخضر، أنا صاحب البيضاء، أنا صاحب الفيحاء، أنا قاتل الأقران، أنا مبيد الشجعان، أنا صاحب القرون الأولين، أنا الصديق الأكبر، أنا الفاروق الأعظم، أنا المتكلم بالوحي، أنا صاحب النجوم، أنا مدبرها بأمر ربي وعلم الله الذي خصني به، أنا صاحب الرايات الصفر، أنا صاحب الرايات الحمر، أنا الغائب المنتظر لأمر العظيم، أنا المعطي، أنا المبذل، أنا القابض يدي على القبض، الواصف لنفسي، أنا الناظر لدين ربي، أنا الحامي لابن عمي، أنا مدرجة في الأكفان، أنا والي الرحمن، أنا صاحب الخضر وهارون، أنا صاحب موسى ويوشع بن نون، أنا صاحب الجنة، أنا صاحب القطر والمطر، أنا صاحب الزلازل والخسوف، أنا مروع الألوف، أنا قاتل الكفار، أنا إمام الأبرار، أنا البيت المعمور، أنا السقف المرفوع، أنا البحر المسجور، أنا باطن الحرم، أنا عماد الأمم، أنا صاحب الأمر الأعظم، هل من ناطق يناطقني؟ أنا النار، ولولا أني أسمع كلام الله وقول رسول الله صلى الله عليه وآله لوضعت سيفي فيكم وقتلتكم عن آخركم، أنا شهر رمضان، أنا ليلة القدر، أنا أم الكتاب، أنا فصل الخطاب، أنا سورة الحمد، أنا صاحب الصلاة في الحضر والسفر، بل نحن الصلاة والصيام والليالي والأيام والشهور والأعوام، أنا صاحب الحشر والنحر، أنا الواضع عن أمة محمد الوزر، أنا باب السجود، أنا العابد، أنا المخلوق، أنا الشاهد، أنا المشهود، أنا صاحب السندس الأخضر، أنا المذكور في السماوات والأرض، أنا الماضي مع رسول الله في السماوات، أنا صاحب الكتاب والقوس، أنا صاحب شيت بن آدم، أنا صاحب موسى وإرم، أنا بي تضرب الأمثال، أنا السماء الخضراء، أنا صاحب الدنيا الغبراء، أنا صاحب الغيث بعد القنوط.
ها أنا ذا فمن ذا مثلي، أنا صاحب الرعد الأكبر، أنا صاحب البحر الأكدر، أنا مكلم الشمس، أنا الصاعقة على الأعداء، أنا غوث من أطاع من الورى والله ربي لا إله غيره، ألا وإن للباطل جولة وللحق دولة، وإني ظاعن عن قريب فارتقبوا الفتنة الأموية والدولة الكسروية، ثم تقبل دولة بني العباس بالفرج والبأس، وتبنى مدينة يقال لها الزوراء بين دجلة والفرات، ملعون من سكنها، منها تخرج طينة الجبارين، تعلى فيها القصور، وتسبل الستور، ويتعلون بالمكر والفجور، فيتداولها بنو العباس 42 ملكاً على عدد سني الملك، ثم الفتنة الغبراء، والقلادة الحمراء في عنقها قائم الحق، ثم أسفر عن وجهي بين أجنحة الأقاليم كالقمر المضيء بين الكواكب، ألا وإن لخروجي علامات عشرة، أولها تحريف الرايات في أزقة الكوفة، وتعطيل المساجد، وانقطاع الحاج، وخسف وقذف بخراسان، وطلوع الكوكب المذنب، واقتران النجوم، وهرج ومرج وقتل ونهب، فتلك علامات عشرة، ومن العلامة إلى العلامة عجب، فإذا تمت العلامات قام قائمنا قائم الحق.
(*) مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين عليه السلام, الحافظ رجب البرسي.